من أنا

صورتي
القاهرة
كاتب صحفي متخصص في الجماعات والحركات الاسلامية في مصر والعالم رقم هاتفي 0020109899843 salaheldeen1979@hotmail.com

Most Popular

السبت، 25 ديسمبر 2010

الدمرداش العقالي ... عبدالناصر بريء والبنا أوصي له من بعده

صلاح الدين حسن
قضى الدمرداش العقالي عدة سنوات عضوًا في الجهاز الخاص للإخوان المسلمين، على حد قوله، وزعيمًا لطلبة الإخوان في الجامعة، مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، لكنه ظهر عام 2010 ليقول إن مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا كان يعد لمشروع انقلابي، وأنه أوصى قبل حادث اغتياله بساعات بأن تكون قيادة الإخوان من بعده لعبد الرحمن السندي من الجماعة وجمال عبد الناصر.

ويرى العقالي -كما جاء فيما نشر له في صحيفة "المصري اليوم" على عدد من الحلقات- أن عبد الناصر "كان نبتة إخوانية" ولم يخطئ خطأً واحدا في حق الجماعة!، وأن صدامه بالجماعة كان بسبب صراعات القيادة داخلها، كما برأ العقالي عبد الناصر من دم المستشار عبد القادر عودة، وأرجع انقلاب سيد قطب على عبد الناصر إلى مصلحة شخصية. ضمن جملة من الاتهامات كانت مثار جدل، وهو ما دعانا إلى مقابلة الرجل للوقوف منه على حقيقة المنشور على لسان والتثبت من صحة ما قاله.

فإلى نص الحوار كاملا:

تصريحات قديمة أعيد نشرها

* ما سبب نشر مذكراتك الآن لمهاجمة قيادات الإخوان التاريخية، خاصة أننا على أبواب معركة انتخابية؟

** الحقيقة أنني لم أنشر مذكرات، لكني فوجئت بها منشورة في صحيفة "المصري اليوم"، وهذه ليست مذكرات، بل حوارات نشرت في مجلة "الأنباء" الكويتية منذ 30 عاما، لكن الصحفي أعاد نشرها دون الرجوع إلي، وجاء النشر مخلا، لكنه توقف عند 6 حلقات -استكملت فيما بعد- ولا أدري لما نشرت الآن؟ ولا لما توقفت؟ لكني لا أريد أن أستبق نيات الصحفي حتى استوضحه.

هو لم يجر هذه الحوارات معي، لذلك استخدم عبارة "كتبها" التي تفيد أنها منقولة بتصرف منه وليست مذكرات طبق الأصل، وكنت انتظر حتى تفرغ "المصري اليوم" من النشر حتى أصحح ما أراه غامضا أو أكشف ما أراه ملتبسا.

الجذور الإخوانية لعبد الناصر

* كتب على لسانك، أن عبد الناصر لم يكن فقط جزءًا من حركة الإخوان المسلمين بل كان نبتة إخوانية منذ الأساس، مع أن معظم المصادر ذكرت أن علاقته بالإخوان لم تكن الوحيدة وأنه كانت له علاقة بالحركات الوطنية والشيوعية الفاعلة على الساحة حتى (حدتو) الشيوعية؟

** علاقة عبد الناصر بالإخوان لاشك فيها، ولو قمت بجمع كل ما كتبه ضباط الثورة الذين كتبوا مذكرات -وعلى الأخص ما كان معروفا عنه أنه من الإخوان مثل المرحوم حسين أحمد حمودة- ستجده يذكر في كتابه (الإخوان والثورة) أن جمال عبد الناصر، وخالد محيي الدين، وكمال الدين حسين أقسموا اليمين أمام عبد الرحمن السندي، ممثل الإخوان، وبايعوا البنا في لقاء منذ سنة 1942، لكن علاقة عبد الناصر بالجماعة تأكدت بسلوكيات الشيوعيين والاشتراكيين ضده بعد الوحدة مع سوريا..

ففي عام 1958 جاءت كل فصائل سوريا إلى القاهرة بزعامة شكري القوتلي تطلب الوحدة مع مصر إلا أن الإخوان في سوريا بقيادة الشيخ مصطفى السباعي كانوا قد أقاموا الدنيا وأقعدوها عقب الخلاف مع الإخوان عام 1954 وهاجموا عبد الناصر، وسيروا مظاهرات كبيرة جدا عام 1954، إلا أنه بعد الوحدة كان مسلك عبد الناصر في دمشق حينما ذهب إليها واضحًا لدى الشيوعيين والاشتراكيين، بحيث أن الفريق عفيف الدجري رئيس أركان الجيش السوري الذي طلب الوحدة، وخالد مقداد زعيم الحزب الشيوعي، وأكرم الحوراني، وصلاح الدين البيطار، هربوا كلهم من سوريا، واعتبروا أن عبد الناصر قد التقى بجذوره الإخوانية ممثلة في مصطفى السباعي..

والفريق الذي قام بانقلاب الانفصال هم الذين قالوا ذلك في مذكراتهم التي اعتبروا فيها أن عبد الناصر كان قد التقى بجذوره الإخوانية، ومنهم موفق عصافة وهؤلاء -الذين قاموا بانقلاب الانفصال- كان عبد الناصر قد وضعهم في قيادة الجيش بناء على توجيهات الشيخ السباعي له، لأن السباعي كان يعتبرهم مستأمنين، لكن للأسف الشديد الانشقاق داخل حركة الإخوان هناك على السباعي، وخروج بعض القيادات، هو الذي أدى لوقوع الانفصال، ومعقباته.

لكن جمال عبد الناصر حسن علاقته بالإخوان المسلمين، وهي العلاقة المتفق عليها أما علاقته (بحدتو) فكانت مجرد محاولات للشيوعيين ومصر الفتاة لضمه، وكان مازال صغيرا لديه تطلعات للعمل العام، ومن لديه تطلعات للعمل العام قد يمر على أكثر من قافلة سياسية، لكن المرور شيء والاعتناق والممارسة شيء آخر.

زار قبر حسن البنا يوم اعتقل الهضيبي

جمال عبد الناصر لم يقف على قبر في حياته إلا قبر حسن البنا، لم يكن من زوار القبور ولا وقف على أضرحة، لكنه زار قبر حسن البنا في اليوم الذي اعتقل فيه الهضيبي في يناير 1954 والزيارة كانت مشفوعة بكلمات منه كما لو كان يشكوا إلى مؤسس الحركة.

والشيخ الغزالي، وهو أحد رموز الإخوان فكريا، كتب في مجلة "الدعوة" عقب الوقيعة بين عبد الناصر والإخوان كتب يتهم الهضيبي أنه ماسوني، وأنه مدسوس على الحركة الإسلامية، وكتب كتابات مستفيضة في هذا، وأتى برتبة الهضيبي في المحفل الماسوني.

وآخر تصريح للمرشد المرحوم حامد أبو النصر عندما سُأل عن علاقته بالإخوان فقال بالنص: "نعم كان عبد الناصر معنا، وكنا بنقعد على الحصيرة ناكل جبنة وعيش حاف، لكن ليس لأنه كان معنا أنه لا يختلف معنا".

فالثابت أن عبد الناصر كان من الإخوان، لكن الذي يبحثه المدقق التاريخي هو: فيما وقع الخلاف؟ فلولا حركة الإخوان المسلمين ما تغير التاريخ عن الملكية، ولا يمكن أن يتم تغيير في سلم الحياة السياسية في مصر من غير الإخوان، ومن غير الطاقة الإسلامية التي تمثل نبض الشارع المصري، ولم يكن فاروق ليطرد لولا جمال عبد الناصر نبتة الإخوان المسلمين.

* لكنك في سبيل إثبات إخوانية عبد الناصر استدللت بوقائع مرسلة لا يؤيدها دليل، مثل تمكن الفكرة الإخوانية منه وإيمانه بأنه لا خلاص للأمة إلا من خلال الدين لمجرد مكثه في السودان الذي كان يعج بالتيارات الوطنية الإسلامية، التي كانت تصبغ الحس الوطني والقومي بالعاطفة الدينية منذ ثورة المهدي وحركة الميرغني؟

** ارجع لكتابات حسين أحمد حمودة، وهو معاصر لعبد الناصر في الدفعة والرتبة، وهو الذي اختلف مع عبد الناصر لا لأن عبد الناصر لم يكن من الإخوان بل لأنه كان من الإخوان ثم انقلب عليهم، ففي تصور حسين أن عبد الناصر إخواني خارج عن الصف وليس من خارجه.

عبد الناصر "أخ عامل"

* كون أن عبد الناصر بايع البنا والسندي لا يعني أنه كان إخوانيًّا أصيلا، فالجماعة كانت مفتوحة في ذلك الوقت، ثم إن خالد محيي الدين الشيوعي قد بايع، فهل كان إخواني هو الآخر؟

** لم يكن البنا ولا السندي -رحمهما الله- يقبلان بالبيعة أو يتصورانها إلا ممن اعتبر "أخا عاملا" ثم انسجم في الجهاز الخاص لأن البيعة هذه هي أخص البيعات في الإخوان، بمعنى أنه لا يأتي بأحد يبايع من الشارع، لكن خالد محيي الدين غير لونه بعد ذلك عكس عبد الناصر.

ثم إن خالد محيي الدين كان من أنصار محمد نجيب، وكان نجيب يعتبر أن الإخوان هم القوة التي خلف عبد الناصر، وحاول نجيب أن يخترق هذه القوة لكسب حسن الهضيبي، والهضيبي رجل فاضل في أخلاقه الإنسانية، لكن لم يكن من الإخوان على الإطلاق، ولا كان مؤمنا بثورة 23 يوليو بأي شكل، فقبل ثورة 23 يوليو حاول الجهاز السري أن يجس نبض حسن الهضيبي فأرسل من يجس نبضه وكان في الإسكندرية، فحدثه الرسول أن البلد تموج بقلاقل والملك يغير كل أسبوع وزارة فهل يخاف فاروق من أن يقوم الجيش بحركة ما فكان رد فعل الهضيبي أنه انتفض، وكان جالسا فوقف منزعجاً، وقال: "تبقى هوجة زي هوجة عرابي ستؤخر البلد 100 سنة للوراء".

وتعبير هوجة عرابي الذي استعمله الهضيبي لم يكن يستخدمه في الأدبيات المصرية إلا أعوان أسرة محمد علي، والمجموعة التي كانت محسوبة على الإقطاع والقصر، وأعداء ثورة عرابي.

* تحدثت وكأن حركة الإخوان لها قيادتان واحدة في الجيش بقيادة عبد الناصر، والثانية مدنية بقيادة البنا والسندي، وأن هدفهما كان الاستيلاء على السلطة؟

** ليس هذا هو السياق، فالقيادة واحدة، وهي ممثلة في الإمام البنا، لكنه أنشأ جهازا خاصًّا له فرعان: فرع مدني يرأسه السندي وله القيادة، وفرع عسكري كان بقيادة عبد الناصر وعبد المنعم عبد الرءوف.

الدولة الإسلامية في وعي البن

* لماذا تصدر عبد الناصر في واجهة القيادة مع أن المعروف أن عبد المنعم عبد الرءوف كان مسئول التنظيم العسكري؟

** عبد الرءوف كان القائد، لكن عبد الناصر كان الأكثر اعتمادا عند البنا.. كان السندي شديد الثقة في عبد الناصر فهو (بلدياته) فالسندي أسيوطي من "بني فهد" وعبد الناصر كذلك من "بني مر" ولذلك فالسندي كان يوحي للبنا بأن عبد الناصر الأكثر قدرة على أن يجمع الضباط، وعبد الرءوف كان مشهودا له بالاستقامة والطهر، لكن كان قليل الحركة في تجميع الضباط، ومن يزعم أن البنا لم يكن له مخطط لتغيير الحكم فهو جاهل بكل كتابات البنا، وخطابه سنة 38 في المؤتمر الخامس، وهو يقول: إنه لو توفر لي اثنا عشر ألفا منكم لخضت بهم البحار والجبال وأقمت الدولة الإسلامية..

فالبنا كان يحدد عام 1955 منذ أن بدأ الجهاز السري موعدًا للقيام بحركة شعبية عسكرية، لكن عندما حدثت حرب فلسطين عام 48 أذهبت المشروع، لأن البنا اضطر أن يكشف عن مقدراته العسكرية، لأن المتطوعين الذين أرسلوا قبل دخول الجيوش العربية فلسطين كانوا متطوعين متدربين، أبلوا في القتال بلاءً حسنا، وتلقوا تدريبا كبيرا جدا، هذا التدريب لم يتم إلا بجهاز، فانكشف أمر الجهاز.

* لكن الثابت أن مليشيات الإخوان ظلت إلى النهاية حتى صدر أمر ملكي بمنح بعضهم نوط الشرف العسكري من الطبقة الأولى، ورد ذلك في الصفحة الثالثة من جريدة "الأهرام" 4 مارس 49.

** هذا غير صحيح، الإخوان أدخلوا فلسطين في نوفمبر 1947 بعد قرار التقسيم، ودخلوا أفرادا أفرادا إلى أن اكتملوا 250 فردا، حلت جماعة الإخوان، وأمر البنا بعدم الإرسال فور قرار الحل، وقال المعركة هنا في مصر..

كان الجيش المصري قد دخل وتطوقت المجموعة المصرية المتقدمة في (الفالوجا) واعتقلت المجموعة الإخوانية التي مكثت في غزة فور حل الإخوان، ووضعوا قائد الجيش الفريق أحمد محمد علي المواوي في معسكر في غزة إلى أن تغلب الجيش الإسرائيلي على القوات المصرية، وكاد أن يدخل سيناء، فغيروا قيادة المواوي وأرسلوا اللواء فؤاد صادق، فوجد أن الجيش المصري عاجز عن أن يصد التسلل الإسرائيلي فاستأذن القيادة المصرية في أن يفرج عن الإخوان المعتقلين في غزة، بناء على تعهد بينه وبينهم يقضي بأن يشترك الإخوان مع الجيش المصري في إيقاف الهجمة الإسرائيلية ثم يهبوا إلى المعتقل مرة أخرى، وقد حدث هذا فأعيدوا إلى المعتقل إلى أن حدثت الهدنة الأولى وعادوا من المعتقل إلى معتقل "الطور" وأفرج عنهم في إفراجات الإخوان عام 50 بعد انتهاء الحرب بعامين، فليس صحيحا أن الإخوان ظلوا إلى انتهاء الحرب، وأنا أكاد أعرف أسماء الإخوان الذين ذهبوا فلسطين في هذه الفترة، لأنه بمجرد دخول الجيش المصري في 15 مايو 48 كنا نحاول أن نشتري أسلحة للمجاهدين إلا أن الأستاذ البنا أمر بتوقف العملية، وحدث هيجان من المجموعات التي كانت تحت التدريب للسفر، فقال لهم البنا المعركة من هنا وليست من هناك.

* هل ترى أن مشروع البنا كان انقلابيًا؟ هو قال أن مشروعة إصلاحي يبدأ من الفرد والأسرة والمجتمع والدولة.

** لقد قال "نريد أن نصلح السلم من أسفل إلى أعلى" فتبين لنا أن السلم لا يأتي إلا من أعلى إلى أسفل.

* لكن البنا ندم على ما فعله الجهاز الخاص، وقام بمحاسبة السندي أمام الإخوان؟

** هذا الكلام من تخريجات الهضيبي وأنصاره، البنا أصدر بيان له عنوان له دلالة، وقال فيه (بيان للناس) الجهاز السري وصله هذا الجزء وفهمه جيدا (كتبنا بيان للناس ولكم الآيات في سورة آل عمران فالتزموها هذا بيان للناس وموعظة وهدى للمتقين ولا تهنوا ولا تحزنوا) الرجل كان يريد أن يحافظ على القواعد، وفي نفس الوقت لم يكن يريد أن يعطي فرصة لإجهاضها، دعوة الإخوان المسلمين لخصها البنا في 5 شعارات هتافية، لا تسمح بالتضليل حول مسيرته، الذي يقول "الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والجهاد في سبيل الله أسمى أمانينا" لا يمكن أن يدخل في هذا المنظومة استسلام .. يستحيل ذلك إنما الآخرين عندما أرادوا إدخال التعديلات خرجوا على هواهم.

الجهاز الخاص لم يبايع الهضيبي

* لكن الشائع أن البنا غضب من السندي وعزله عن قيادات النظام الخاص فكيف يوصي له بتولي مسئولية الإخوان من بعده؟

** هذا ليس صحيحا، بدليل أن الهضيبي أصدر قرار بفصل السندي من الإخوان، وإقالته من الجهاز الخاص، فكيف كان مقالا من البنا واحتاج الهضيبي أن يفصله، هذا غير صحيح، وعندما عين الهضيبي مرشدا وزع السندي منشورا على الجهاز الخاص قال فيه: "الملك فاروق قتل مرشدنا واختار لنا مرشدا من حاشيته فلا تبايعوا وتثبتوا حتى تتبينوا". فلم يبايع الجهاز الخاص الهضيبي وأنضم إلينا في عدم المبايعة: الشيخ الغزالي، وصالح عشماوي، وعبد الرحمن البنا، انضموا في عدم المبايعة، فبادر الهضيبي بفصلهم من الجماعة، وهذه معركة معروفة.

* أخطأت حينما ذكرت أن حادثة السيارة الجيب كانت بعد اغتيال البنا، والصحيح أنها كانت قبل اغتياله؟

** الحادثة قبل اغتيال البنا، لكن القبض على السندي كان بعد اغتيال البنا، ولم يكن على الفور، وكان موجودا وممارسا لمهامه ويوجه تعليماته بعد قتل النقراشي، وبعد استشهاد البنا أعد السندي خطة لقتل إبراهيم عبد الهادي على طريق المعادي، وهي حادثة معروفة، كما أعد محاولة لقتل رئيس مجلس النواب، وهذه معروفة أيضا.

حسن البنا أوصى لعبد الناصر من بعده

* قلت أن البنا أوصى للسندي وعبد الناصر بخلافته فلماذا لم تظهر هذه الوصية؟ أين هي الآن؟

** هذه الوصية أبلغت للواء صالح حرب، رئيس جمعية الشبان المسلمين، والبنا لم يخرج من بيته إلا هذه المرة، للوصول لصالح حرب يبلغه هذه الوصية، وهي لا تحتاج إلى توثيق، فصالح حرب كان على صلة وثيقة بالبنا، وكان إسلاميا، وكان مشهودا له، وقال له البنا: "يا صالح عبد الرحمن السندي هو المسئول عن الجماعة، وإذا لم يتيسر فجمال عبد الناصر حسين".

* لكنك ضد رواية أن البنا كان غاضبا من السندي.

** لا والله لم يكن غاضبا .. كان في الإمام البنا تُقية كامنة، فهو يوجه الجهاز السري، "هذا بيان للناس ولكم الآيات في سورة آل عمران فالتزموها"، وأرجع إلى آيات سورة آل عمران ستفهم ما أقول.

الهضيبي ملكي

* اتهمت الهضيبي أنه كان ملكيا، والمعروف أنه رفض الانحناء لفاروق، ووضع صورته في دورة المياه؟

** يا سيدي، في عام 51 كانت سمعة فاروق لدي الشعب المصري أصبحت في الأرض، وكانت فضائح أمه وأخواته و (بلاويه) أصبحت معروفة للعامة، ولم يستطع زعيم مصري أن يصف فاروق بأنه ملك كريم إلا الهضيبي، بعد مقابلة الملك قال "مقابلة كريمة من ملك كريم"، هذه عندنا في الجهاز الخاص توصيف خطير فاعتبرناها سقطة كبيرة.

* كان لديه وجه وتبرير، وما كان المنتظر من الهضيبي عند مقابلة الملك؟ ثم لماذا تغضب عليه عندما غضب من الإفراج عن قتلة النقراشي، هو رجل قانون ولا يرضى أن يفلت الجاني مع عقابه؟

** أنا لست هنا في مقام تبريرات تصرفات الهضيبي، الواقع أن السندي لم يكن يقر ما تقوله أنت الآن، لأن السندي الذي دبر لقتل النقراشي لا يمكن أن يقبل هذا التبرير، لأن السندي يرى أن الذين حاربوا الإخوان إنما أصابوا الإسلام في أمر فظيع جداً.

الباقوري ناقم

* لماذا كنت تستدل على الولاء للملك بمجرد قرابة هنا أو هناك لأحد الأشخاص المقربين من الملك؟ ألا ترى أن هذا ليس دليلا على الولاء في حد ذاته ؟

** الذي حدث أن الباقوري عندما علم ـ بعد حل الإخوان ـ بوجود الجهاز الخاص غضب وثار، كما غضب أعضاء مكتب الإرشاد، الذين لم يكن يعلمون بوجود الجهاز، وأصابتهم حالة ثورة ضد حسن البنا، ولهذا قال الشيخ عبد المعز عبد الستار - وكان عضو مكتب الإرشاد – "لم نكن نعرف من يقود الإخوان حتى ظننا أنها يقودها الشيطان" .. والأستاذ البنا كان يتحاشى أن يكون للأزهريين دور في صلب الجماعة، كان يراهم مجرد مظهر خارجي، ولذلك قد تعجب أن الأزهريين وهم كثر في الجماعة لم يتولوا مناصب في عصب الإخوان، لأن البنا كانت له حلقة مع الأزهر، وعندما اكتشف الشيخ الباقوري هذا كان ثائرا جدا على البنا.

* لكن أدبيات الجماعة تقبل أن يكون هناك قياديا لا يعرف شيئًا عن أمر ما ولا يسأل فيما لا يعنيه، وهذا مقبول عند الإخوان فلماذا يغضب الباقوري؟

** يغضب لأنه كان وكيلا للجماعة هو وصالح عشماوي، وكلاهما كانا لا يعرفا شيئا عن الجهاز السري، فلما حدث الحل والاعتقال والمصائب التي حدثت، أصبحوا في حالة نقمة.

* هل لازمت النقمة هذه الباقوري حتى بعد اغتيال البنا؟

** النقمة ظلت إلى أن قامت الثورة، والباقوري نفسه كان يتطلع إلى منصب المرشد بعد البنا، والغزالي هو الذي قاد عملية وقفه وقال له: "نحن لا نأكل من عيش السراي".

* لكن الإخوان هم الذين اختاروا الهضيبي فكيف جاء برغبة الملك؟

** لم يجتمع أحد من الإخوان ليأتي بالهضيبي، بل انتخب بالتمرير من الهيئة التأسيسية، لأن الإخوان كانت منحلة، وفاروق كان يريد أن يحصل على مرشد له ولاء قبل أن يعيدهم لمواجهة الوفد. وكانوا في هذا الوقت يقولون عنها "المحظورة" مثل هذه الأيام، والتمرير كان كله خديعة وتآمر.

قطب والوزارة

* اتهمت سيد قطب بأن خلافه مع الثورة كان خلافا شخصيا، وانه انقلب على عبد الناصر لأنه لم يعطه وزارة المعارف، أليس كل هذا اتهاما في النوايا لا يرقى لمستوى الدليل؟

** خلاف قطب خلافا شخصيا محضا، وأريد أن أقول لك شيئا، لقد قابلت محمد قطب، أخو سيد قطب، في الرياض، وعاتبته، وسألته لما كان الالتحام بعبد الناصر ثم الانفصال عنه، هل كان بعد تأليف الوزارة، وربما بما كتبه لعبد الفتاح الترامسي زميله، فقال: فعلا الأستاذ سيد كان ناقما بعد هذا، لكن ليس هذا السبب الوحيد.

* لماذا برأت عبد الناصر من المستشار عبد القادر عودة ومجموعته؟

** الباقوري كان له مذكرات، قال فيها ذلك، فذكر في مذكراته أنه: في الاجتماع المشترك للوزارة ومجلس قيادة الثورة أراد عبد الناصر أن يخفف الحكم عن جميع المحكوم عليهم ماعدا محمود عبد اللطيف، وهنداوي دوير، لكن جمال سالم الذي كان رئيس المحكمة العسكرية، وكان مختلفا مع عبد الناصر في مجلس قيادة الثورة خاف أن يعتبره الإخوان العدو، وهدد عبد الناصر قائلا: "أنت عايزني أحكم بالإعدام وأنت تخفف لينتقم مني الإخوان"، هذا كلام الباقوري في مذكراته التي نشرت في مجلة "المسلمون".

* إذا كان عبد الناصر إخوانيا لم يختلف إلا مع القيادة فقط ، فلماذا اعتقل كل الإخوان ولم يبق على أحد، وعذب الجميع في سجونه؟

** البنا وعبد الناصر والهضيبي والسندي وغيرهم بين يدي الله الآن، لكني أقولها للتاريخ: عبد الناصر لم يخطئ خطأ عمدي واحد في حق الإخوان، بل كل ما صدر منه كان ردود أفعال، وردود الأفعال عندما نزعت عن جذورها بدت كما أنها عدوان.. فعبد الناصر لم يخطئ أبداً، والدليل هو اقتناع الشيخ السباعي بعد محاكمات 54 ، وهناك أدلة فرعية كثيرة على ذلك، فعبد الناصر ـ بعد النكسة ـ أتي بعبد العزيز كامل، نائب رئيس الوزراء ووزير الأوقاف، وهو أحد أقطاب الإخوان، وقال له: "أنا أريد أن تبدأ تربية للناس في المساجد، ليعرفوا أن الثورة إسلامية وستبقى إسلامية"، والذين قتلوا على يد عبد الناصر من الإخوان لن يكونوا واحد في المائة من الذين قتلوا في السجون الآن من غير محاكمات منذ أن تولى السادات إلى عهدنا هذا.. ولو كان لكل الناس أن ينتقدوا دخول عبد الناصر فالإخوان وحدهم هم اللذين يجب أن يتذكروا أنه دخل بناء على توجيه حسن البنا، ففي يناير 48 قامت ثورة ابن الوزير في اليمن وقتلوا الأمام يحي وهذه الثورة كان المؤثر الأساس فيها الشيخ الفضيل الورتلاني أحد أقطاب الإخوان في اليمن ونسبت إلى حسن البنا بكاملها، فلم يتبرأ حسن البنا منها، وعندما دخل عبد الناصر دخل برؤية أن هذا ما كان يجب أن يتغير.

هناك تعليق واحد:
Write التعليقات

Services

More Services

© 2014 صلاح الدين حسن. Designed by Bloggertheme9 | Distributed By Gooyaabi Templates
Powered by Blogger.