صلاح الدين حسن
في رده على المستشار الدمرداش العقالي يرى الباحث الإخواني، إسماعيل تركي، أن ما جاء على
لسان العقالي حوى "مغالطات وأخطاء تاريخية". وفي حديث خاص لأون إسلام، نفى أن يكون مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا قد أوصى لجمال عبد الناصر بتولي مسؤولية الإخوان من بعده "لأن عبد الناصر عند وفاة الإمام البنا كان شابًّا في نهاية العقد الثالث من عمره، ولم تكن ثقافته الشرعية تؤهله".
كما ينفي تركي وهو مدير "مركز البصائر للدراسات والبحوث" صحة الحديث عن أن خليفة البنا المستشار حسن الهضيبي جاء بإرادة ملكية ولم يكن مقبولا من الإخوان، مشيرا إلى أن رجل القضاء حسن الهضيبي اشترط موافقة جميع أعضاء الهيئة التأسيسية وعدم اعتراض أي منهم حتى يقبل أن يكون مرشدًا، وهو ما حدث فقد وافق الجميع باستثناء حامد أبو النصر الذي امتنع عن التصويت.
ويوضح أن الهضيبي حين أهداه الملك فاروق صورته وضعها في دورة المياه، ولم يضعها في صالون منزله أو في المركز العام. مكذبا أيضا القول بأنه (الهضيبي) لم يوافق على ثورة يوليو 1952 معتبرا ذلك "هراء" لأن الثورة "تأخرت يوما" حتى يتم استئذان الهضيبي، "وقد ذهب إلى الإسكندرية المهندس حلمي عبد المجيد؛ حيث يقيم المرشد واستأذنه في قيام الثورة، وقد وافق الهضيبي على ذلك". ويرى تركي في زيارة عبد الناصر قبر حسن البنا "محاولة لإيهام الإخوان بأنه ليس مختلفًا مع الإخوان، وأنه مختلف فقط مع حسن الهضيبي".
الأمر الوحيد الذي اتفقاعليه المستشار الدمرداش العقالي والمشرف على موسوعة الإخوان "ويكي إخوان" هو انتماء جمال عبد الناصر للجماعة، انتماء كاملا .
فإلى نص الحوار:
* ما تعليقك على ما وصف بـ "المذكرات" التي نشرت للمستشار الدمرداش العقالي؟
** هذه المذكرات التي كتبها الصحفي سليمان الحكيم حول مذكرات المستشار الدمرداش العقالي حوت الكثير من المغالطات والأخطاء التاريخية، وقد حاول الكاتب في مقدمته الإيهام بأن المستشار الدمرداش العقالي كان من زعماء "النظام الخاص" وزعماء طلبة الإخوان، وهذا غير حقيقي؛ فالمستشار لا يعدو أن يكون في تلك الفترة واحدا من طلبة الإخوان، وقد يكون ممن شارك في النظام الخاص بعد عودة الجماعة في عام 1951م.
كما حاول الكاتب أن يجعل المستشار الدمرداش العقالي ندًّا لسيد قطب (المفكر الإسلامي)، فيقول: «إنهما كانا صديقين في مرحلة الطفولة والشباب»، واستدل على ذلك بأنهما من نفس البلدة، وهو دليل عجيب؛ إذ الثابت أن فارق السن بينهما حوالي ثلاثين عامًا، فمتى كانت صداقة الطفولة والشباب.
ثم إن الكاتب حاول أن يوهم القارئ بأنه التقى المستشار الدمرداش العقالي وسجل ذكرياته، والحقيقية أن هذه الكلمات المنشورة سبق أن نشرت في جريدة "الأنباء" الكويتية من فترة طويلة، والمدقق فيما كتب يمكن أن يتبين أنها كتبت منذ فترة طويلة، فقد ذكر في أثناء الحديث وصف للمستشار مأمون الهضيبي (المرشد الأسبق توفي عام 2004) بأنه المتحدث الرسمي باسم الإخوان الآن.
كان عبدالناصر "شابا" عند وفاة البنا
* دعنا نناقش مضمون المذكرات أو الحوارات، فما ردك على أن البنا كان قد أوصى قبل مقتله لعبد الرحمن السندي وجمال عبد الناصر بمسئولية الإخوان؟
** هذا محض خيال؛ لأن عبد الناصر عند وفاة الإمام البنا (1949) كان شابًّا في نهاية العقد الثالث من عمره، ولم تكن ثقافته الشرعية تؤهله لا هو ولا السندي لأن يكون أحدهما مرشدًا للإخوان، فضلاً عن أن صالح حرب ـ الذي قيل أنه تسلم هذه الوصية ـ كان في أسوان عند اشتداد أزمة الإخوان مع حكومة إبراهيم عبد الهادي (رئيس وزراء في عهد الملكية)، كما أن عبد الناصر كان يمكن أن يستفيد من هذه الوثيقة في خلافه مع المستشار الهضيبي (توفي 1973) الذي استخدم فيه كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة؛ فلماذا لم يستخدم هذه الوثيقة؟ فضلاً عن أن القريبين من السندي والمؤيدين له لم يذكر أحد منهم هذه الوثيقة، وقد كتبوا الكثير عن الخلاف بين السندي والهضيبي، وكانوا أقرب إلى السندي من المستشار الدمرداش العقالي، مثل أحمد عادل كمال، ومحمود الصباغ؟! لكن الذي لا خلاف عليه مع المستشار العقالي أن عبد الناصر كان من الإخوان، وكان في الصف الأول من ضباط الإخوان في الجيش المصري.
*هل حقا كان الباقوري ناقما على البنا بسبب أن البنا قد أخفى عنه التظيم الخاص؟
** هذا عكس الحقيقية؛ لأن النظام الخاص اكتشف في 15 نوفمبر عام 1948م، وحلت الجماعة في 8 ديسمبر 1948م، وعندما اعتقل كل الإخوان وضيق الخناق على الإمام البنا أوصى (أحمد حسن) الباقوري بالعمل كمرشد للجماعة في حالة غيابه، وحتى تعود للجماعة مشروعيتها، ثم يختار الإخوان مرشدًا لهم، وقد أدى الباقوري المهمة المنوط بها حتى عادت الجماعة، كما أن الباقوري (عينه عبد الناصر وزيرا للأوقاف بعد الثورة) لم يذكر الإمام بسوء طوال حياته.
الثورة تأخرت يوما حتى استئذان الهضيبي
* العقالي حاول إثبات أن الهصيبي جاء بإرادة الملك لكي يقف بالجماعة عند أبواب القصر الملكي؟
** الثابت تاريخيًّا أن الإخوان لم يفكروا في اختيار مرشدًا جديدًا لهم إلا بعد خروجهم من السجون، في عهد وزارة الوفد، وقد انحصر الاختيار بين أربعة لا خامس لهم، وهم: عبد الرحمن البنا، وعبد الحكيم عابدين، والباقوري، وصالح عشماوي، والذي كان مرشح النظام الخاص، واستمر الخلاف حتى اقترح الأستاذ منير الدلة وبعض الإخوان في السلك القضائي اسم المستشار حسن الهضيبي حسمًا للخلاف، والذي رفض المهمة في البداية، ثم اشترط موافقة جميع أعضاء الهيئة التأسيسية وعدم اعتراض أي منهم حتى يقبل أن يكون مرشدًا، وقد وافق الجميع باستثناء الأستاذ حامد أبو النصر (المرشد العام الرابع للجماعة توفي عام 1996) الذي امتنع عن التصويت.
أما القول بأنه قابل الملك وقال عن المقابلة: «إنها مقابلة كريم لملك كريم»، والزعم بأن أحد من السياسيين لم يكن يجرؤ على وصف الملك بهذا الوصف؛ فالثابت أن الهضيبي حين أهداه الملك فاروق صورته في تلك المقابلة وضعها الهضيبي في دورة المياه، ولم يضعها في صالون منزله أو في المركز العام، كما أن النحاس باشا حين كلفه الملك في عام 1950م بالوزارة رجا الملك أن يسمح له بتقبيل يده الكريمة، ولم يكن أحد يجرؤ على إعلان النقد للملك، بل إن شيخ الأزهر عبد المجيد سليم (تولى المشيخة في العهد الملكي قبل ثورة 1952) حين ذكر عبارته الشهيرة (تقطير هنا وتبذير هناك)، وذلك تعليقًا على ما صرف على تجديد يخت الملك وضغط ميزانية الأزهر، أقيل من منصبه.
* وماذا عن علاقة الهضيبي بالملك عن طريق المستشار نجيب سالم ناظر الخاصة الملكية؟
** هذا النسب سابق على تعيين نجيب سالم ناظرًا للخاصة الملكية، كما أن تعيين نجيب سالم نفسه تمَّ؛ لأنه كان رئيسًا لإحدى محاكم الاستئناف، وتمَّ تعيينه بعد خروجه على المعاش من القضاء، وذلك توفيرًا للنفقات؛ حيث إنه كان يحصل من الخاصة الملكية على الفارق بين المرتب والمعاش، ولا يحصل على راتب كامل من الخاصة الملكية، وكان هذا تقليدًا معمول به لتوفير النفقات.
* لكن الهضيبي لم يوافق على الثورة ورفضها في بدايتها، كما قال العقالي؟
** هذا هراء لأن الثورة تأخرت يوما حتى يتم استئذان المرشد حسن الهضيبي، وقد ذهب إلى الإسكندرية المهندس حلمي عبد المجيد؛ حيث يقيم المرشد واستأذنه في قيام الثورة، وقد وافق الهضيبي على ذلك، وكان المهندس حلمي عبد المجيد في ذلك الوقت هو مسئول النظام الخاص، وليس عبد الرحمن السندي.
* وماذا عن اعتراضه على خروج المشاركين في أحداث العنف السابقة على الثورة؟
** هذا محض خيال؛ لأن الذي اعترض عليه الهضيبي هو محاكمة المدنيين عسكريًّا، وكان ذلك بمناسبة محاكمة إبراهيم عبد الهادي عسكريًّا.
* لكن العقالي ذكر أن الخلاف بين عبد الناصر والهضيبي بدأ بخلاف بين السندي والهضيبي، وأن عبد الناصر كان على الحياد.
** هذا مجافاة للحقيقة، فقد حرص عبد الناصر مع السندي على إجبار المرشد حسن الهضيبي على الاستقالة، وكذلك ساعده وحرَّضه على حصار المركز العام.
عبدالناصر أطلق الشيوعيين للاستهزاء بالشيخ الغزالي
* وما رأيك في زيارة عبد الناصر لقبر حسن البنا؟
** هي محاولة إيهام الإخوان بأنه ليس مختلفًا مع الإخوان، وأنه مختلف فقط مع حسن الهضيبي، ونجح في استدراج بعض الإخوان لهذا الفخ، ثم عاد واستدار عليهم فحبس الباقوري في بيته ما يقارب الخمس سنوات، وعرَّض به في خطبه، وأطلق الشيوعيين للاستهزاء بالشيخ الغزالي والنيل منه.
* ذكر العقالي أن مظاهرة عابدين كانت للشيوعيبن؟
** هذه أحد العجائب، فالمعروف أن هذه المظاهرة كانت إخوانية دفع الشهيد عبد القادر عودة ثمنها رقبته، كما أن هذه المظاهرة لا سيما الجزء الطلابي منها والذي خرج من جامعة القاهرة قادها المرحوم الدكتور عبد الصبور شاهين باعتباره وجه إخواني غير معروف، وقادها حتى خرجت من باب الجامعة، ثم قادها الإخوان من الطلاب المشهورين، وقد أبلغ الدكتور عبد الصبور شاهين بهذا التكليف الدكتور رشاد بيومي نائب المرشد الحالي، وهو لا يزال حيا يرزق، ويمكن سؤاله في ذلك.
كما أنه من المشاهد المشهورة في تلك المظاهر أن (المعلم إبراهيم كروم) فتوة بولاق كان يمتطي صهوة جواده، ويطلق أعيرة نارية في الهواء، وهو معروف بأنه كان من الإخوان، كما أن المظاهرة لم يستطع أحد صرفها إلا الشهيد عبد القادر عودة.
قطب لم يسمع بالبنا إلا بعد اغتياله
* هل كانت هناك منافسة بين حسن البنا وسيد قطب وأن قطب كان يصف حسن البنا بحسن الصباح؟
** سيد قطب باعترافه أقر بأنه لم يسمع عن حسن البنا إلا عندما وجد الأمريكان يشربون نخب اغتياله.
* وهل الخلاف بين سيد قطب وعبد الناصر كان خلافًا شخصيًّا حينما اتجه عبد الناصر لتعيينه وزيرًا للمعارف في وزارة محمد نجيب، وذلك بعد إقالة وزارة علي ماهر، وأن عبد الناصر خلف وعده، وعيَّن كمال الدين حسين بدلاً منه، لذلك نقم عليه سيد قطب؟
** هو محض خيال يخالف التاريخ والواقع، وذلك لأن وزارة علي ماهر (تولى الوزارة في عهد كل من الملكين فؤاد الأول وفاروق) استمرت خمسة وأربعين يومًا فقط لا غير، ثم جاءت وزارة نجيب بعد ذلك، وكان وزير المعارف فيها إسماعيل القباني وليس كمال الدين حسن؛ فكيف يصبح هذا السبب مع الكلام السابق بأن سيد قطب تولى منصب سكرتير عام مساعد لجمال عبد الناصر الذي أصبح سكرتيرًا عامًّا لهيئة التحرير، والثابت تاريخيًّا أن هيئة التحرير تشكلت بعد تلك الوزارة بفترة غير وجيزة؟!
ويبدو من هذه الأحاديث أن المستشار الدمرداش العقالي ذو خيال واسع، وأنه صاحب رؤية يحاول إثباتها والتدليل عليها بوقائع وأحداث لا ظل للحقيقة فيها، كما أنه يعيد ترتيب الوقائع التاريخية لا حسب ترتيبها الزمني، ولكن حسب ما يساعد في التدليل على رؤيته.
السبت، 25 ديسمبر 2010
الإخوان يردون على العقالي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات