صلاح الدين حسن
ظلت وديعة مسالمة.. مهاجرة من ضوضاء السياسة وعوادمها إلى رحاب المساجد ومنابرها.. تنام على سجاجيدها وتخضب لحاها بمسك الحجاز وزعفران اليمن وتشعل أعودة البخور لتقرأ فى رقائق ابن القيم وتنهل من خشونة ابن عبدالوهاب.
كانت للحياة المصرية طابعها الخاص فهى بيئة حضرية ريفية لها دولة مدنية منذ آلاف السنين تبعد كثيرا عن البداوة وتميل أكثر إلى التصوف والتسامح مع المخالفين والتيسير فى أمور العبادة وبساطة الاعتقاد.. لم يهضم المصريون كثيرا هؤلاء «السنيين» ولم تألف أعينهم تلك الهيئة التى لم يعتادوا رؤيتها إلا عند زيارتهم إلى بيت الله الحرام.
لكن السلفية تمددت واستطاعت أن تكسر حاجز البيئة المتحدية، ونجحت فى أن تخصم من رصيد الجماعة العجوز «الإخوان المسلمين»، مستفيدة من نشاط ومجهودات شيوخ السلفية الوعظية الذين انتشروا فى سماء الفضائيات بعد قبولهم الابتعاد عن مساحات انتقاد السلطة التى لا شك أنها كانت تعرف أنهم يسعون إلى إقامة الدولة الإسلامية إلا أنها كانت تعتقد أن ذلك لن يتم سوى فى أحلام السلفيين.
ومنذ أن نشأت السلفية الجديدة فى مصر وهى بعيدة تماما عن مساحة العمل السياسى معتقدة أن العمل السياسى ومعارضة الحكام لا جدوى من ورائهما وتبنت إستراتيجية محددة لتغيير المجتمع معتمدة فى ذلك على رؤية أحادية لتلك المجموعات السلفية وتبدأ هذه الإستراتيجية بتربية المجتمع وتنقيته وتصفيته إلى أن تتكون الفئة المؤمنة التى تفاصل الحكام الذين لا يحكمون بشرع الله إلا أن هذه المرحلة كانت بعيدة زمنيا فى وعى تلك المجموعات.
وظل شبح المحنة يتراقص أمام أعين قادة السلفية ومشايخهم وهم يظنون أن النظام السياسى قد وهبهم مساحة من حرية الدعوة لا بأس بها وأن تيارهم يتمدد ولو ببطء وأن مشروع الدولة السلفية يسير فى مرحلته الأولى وعندما حدثت الثورة لم يتوقع السلفيون نجاحها ولا فى الأحلام ــ على حد تعبير المنظر السلفى ياسر برهامى ــ وقرروا عدم المشاركة فيها تحت ضغط الشبح المتراقص من جهة، ولأن من قام بها ليسوا بالفئة المؤمنة التى يمكث المشايخ السلفيون على تربيتها من الجهة الأخرى.
نجحت الثورة ووقت السلفيين لم يحن بعد، فهم مازالوا فى مراحل التغيير الأولى فأربكت كل الحسابات وتساءل السلفيون ماذا نحن فاعلون؟
شعر السلفيون أنها لحظة مفصلية فى تاريخ الأمة تغرب خلالها شمس دولة وتشرق أخرى فهل يقفون موقف المتفرج بعد أن سخر الله لهم شبابا لم يكونوا يظنون بهم خيرا فأطاحوا بالنظام، فرفع السلفيون راية الثورة التى لم يشاركوا فيها.
لكن كباقى الجماعات الإسلامية بدت السلفية بعيدة عن غالبية المجتمع المصرى وآثرت استهداف شرائح وعناصر معينة وجدت فى السلفية الخلاص من هموم المادة ومن عذاب الآخرة وفضلت الابتعاد عن الآخرين بعد أن فقدوا الروح وتوغلوا فى السياسة والتحزب وظلت غالبية المجتمع بعيدة عن فهم طبيعة العوالم السلفية السفلية التى ما يظهر منها أقل بكثير من الذى يخفى وانعكست الطبيعة الغامضة للسلفية على الصحافة والإعلام عند تعاطيهما مع هذا الملف فتعاملت مع السلفية كأنها سلفية واحدة وليست سلفيات تتعدد أحيانا بعدد شيوخها.
فى هذه الحلقات نحاول أن نسلط عدسة البحث فوق موقع الخارطة السلفية فى مصر فنقوم بفرز وتجنيب مختلف هذه التيارات على حده وإرجاع رموز هذا التيار أو ذاك كلا إلى منابعه وتياره لنعرف حجم كل تيار سلفى داخلى، ومدى تأثيره فى العوالم السلفية السفلية، كما نقوم بالتعريف وعلى مدار الشهر الكريم بكل تيار سلفى ومعالم منهجه وموقفه من أهم القضايا الشائكة وما يمايزه عن السلفيات الأخرى.
http://www.blogger.com/post-create.g?blogID=4181387584942670856
ظلت وديعة مسالمة.. مهاجرة من ضوضاء السياسة وعوادمها إلى رحاب المساجد ومنابرها.. تنام على سجاجيدها وتخضب لحاها بمسك الحجاز وزعفران اليمن وتشعل أعودة البخور لتقرأ فى رقائق ابن القيم وتنهل من خشونة ابن عبدالوهاب.
كانت للحياة المصرية طابعها الخاص فهى بيئة حضرية ريفية لها دولة مدنية منذ آلاف السنين تبعد كثيرا عن البداوة وتميل أكثر إلى التصوف والتسامح مع المخالفين والتيسير فى أمور العبادة وبساطة الاعتقاد.. لم يهضم المصريون كثيرا هؤلاء «السنيين» ولم تألف أعينهم تلك الهيئة التى لم يعتادوا رؤيتها إلا عند زيارتهم إلى بيت الله الحرام.
لكن السلفية تمددت واستطاعت أن تكسر حاجز البيئة المتحدية، ونجحت فى أن تخصم من رصيد الجماعة العجوز «الإخوان المسلمين»، مستفيدة من نشاط ومجهودات شيوخ السلفية الوعظية الذين انتشروا فى سماء الفضائيات بعد قبولهم الابتعاد عن مساحات انتقاد السلطة التى لا شك أنها كانت تعرف أنهم يسعون إلى إقامة الدولة الإسلامية إلا أنها كانت تعتقد أن ذلك لن يتم سوى فى أحلام السلفيين.
ومنذ أن نشأت السلفية الجديدة فى مصر وهى بعيدة تماما عن مساحة العمل السياسى معتقدة أن العمل السياسى ومعارضة الحكام لا جدوى من ورائهما وتبنت إستراتيجية محددة لتغيير المجتمع معتمدة فى ذلك على رؤية أحادية لتلك المجموعات السلفية وتبدأ هذه الإستراتيجية بتربية المجتمع وتنقيته وتصفيته إلى أن تتكون الفئة المؤمنة التى تفاصل الحكام الذين لا يحكمون بشرع الله إلا أن هذه المرحلة كانت بعيدة زمنيا فى وعى تلك المجموعات.
وظل شبح المحنة يتراقص أمام أعين قادة السلفية ومشايخهم وهم يظنون أن النظام السياسى قد وهبهم مساحة من حرية الدعوة لا بأس بها وأن تيارهم يتمدد ولو ببطء وأن مشروع الدولة السلفية يسير فى مرحلته الأولى وعندما حدثت الثورة لم يتوقع السلفيون نجاحها ولا فى الأحلام ــ على حد تعبير المنظر السلفى ياسر برهامى ــ وقرروا عدم المشاركة فيها تحت ضغط الشبح المتراقص من جهة، ولأن من قام بها ليسوا بالفئة المؤمنة التى يمكث المشايخ السلفيون على تربيتها من الجهة الأخرى.
نجحت الثورة ووقت السلفيين لم يحن بعد، فهم مازالوا فى مراحل التغيير الأولى فأربكت كل الحسابات وتساءل السلفيون ماذا نحن فاعلون؟
شعر السلفيون أنها لحظة مفصلية فى تاريخ الأمة تغرب خلالها شمس دولة وتشرق أخرى فهل يقفون موقف المتفرج بعد أن سخر الله لهم شبابا لم يكونوا يظنون بهم خيرا فأطاحوا بالنظام، فرفع السلفيون راية الثورة التى لم يشاركوا فيها.
لكن كباقى الجماعات الإسلامية بدت السلفية بعيدة عن غالبية المجتمع المصرى وآثرت استهداف شرائح وعناصر معينة وجدت فى السلفية الخلاص من هموم المادة ومن عذاب الآخرة وفضلت الابتعاد عن الآخرين بعد أن فقدوا الروح وتوغلوا فى السياسة والتحزب وظلت غالبية المجتمع بعيدة عن فهم طبيعة العوالم السلفية السفلية التى ما يظهر منها أقل بكثير من الذى يخفى وانعكست الطبيعة الغامضة للسلفية على الصحافة والإعلام عند تعاطيهما مع هذا الملف فتعاملت مع السلفية كأنها سلفية واحدة وليست سلفيات تتعدد أحيانا بعدد شيوخها.
فى هذه الحلقات نحاول أن نسلط عدسة البحث فوق موقع الخارطة السلفية فى مصر فنقوم بفرز وتجنيب مختلف هذه التيارات على حده وإرجاع رموز هذا التيار أو ذاك كلا إلى منابعه وتياره لنعرف حجم كل تيار سلفى داخلى، ومدى تأثيره فى العوالم السلفية السفلية، كما نقوم بالتعريف وعلى مدار الشهر الكريم بكل تيار سلفى ومعالم منهجه وموقفه من أهم القضايا الشائكة وما يمايزه عن السلفيات الأخرى.
http://www.blogger.com/post-create.g?blogID=4181387584942670856
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات