صلاح الدين حسن
إذا كانت السلفية السكندرية تتموقع في أقصى يسار السلفية المصرية فإن السلفية المدخلية تتموقع في أقصى اليمين، فالسكندريون في نظر المداخلة خوارج قعدية (يحرضون الناس على الخروج على الحاكم بالقول وإن لم يخرجوا عمليا) وهؤلاء في نظر المداخلة أخطر من الخوارج الفعليين، وتأتي شراسة الهجوم المدخلي على السلفيين السكندريين من أن المداخلة يعتقدون أن الهجوم على المخالفين أصل من أصول أهل السنة والجماعة واجب عليهم يثابون عليه عند الله، فهم بذلك ينشرون السنة ويحاربون البدعة.
إذا كانت السلفية السكندرية تتموقع في أقصى يسار السلفية المصرية فإن السلفية المدخلية تتموقع في أقصى اليمين، فالسكندريون في نظر المداخلة خوارج قعدية (يحرضون الناس على الخروج على الحاكم بالقول وإن لم يخرجوا عمليا) وهؤلاء في نظر المداخلة أخطر من الخوارج الفعليين، وتأتي شراسة الهجوم المدخلي على السلفيين السكندريين من أن المداخلة يعتقدون أن الهجوم على المخالفين أصل من أصول أهل السنة والجماعة واجب عليهم يثابون عليه عند الله، فهم بذلك ينشرون السنة ويحاربون البدعة.
فلا يكف المداخلة عن الهجوم على السلفيين السكندريين ورموزهم هجوما شرسا ومتواصلا يتمحور في معظمه حول موقف المدرسة من الحاكمية وسيد قطب ومن العمل الجماعي والجماعات.
العمل الجماعي ومعاركه
لا يقر كثير من المداخلة بمشروعية العمل الجماعي التنظيمي القائم على البيعة والسمع والطاعة لغير الحاكم فالجماعة الإسلامية هي الدولة والسلطان، ومن ثم فهم يشنون هجوما عنيفا على السكندريين لأنهم جماعة (أولا) لا تعترف بالحكام الحاليين حكاما شرعيين، مبايعون من جماعة مسلمة بيعة شرعية (ثانيا). ودائما ما يصف المداخلة السكندريين بأنهم حزبيون لأنهم بانتحائهم جانبا وتوليتهم قيّماً يسمع ويطاع قد خالفوا مفهوم الجماعة المسلمة التي تلتف حول سلطانها، ومن ثم فيأتي الهجوم عليهم لإنهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها.
وحول مشروعية العمل الجماعي دارت معارك ملأت بها الفضاء السلفي الإلكتروني كان أشهرها معركة خاضها القطب المدخلي القوي والعنيد محمد سعيد رسلان بدأها أحد أنصاره بإعلان شهير نشره في أحد مواقع الإنترنت المحسوبة على المداخلة كان هذا نصه (إن المنوفية سحبت عهد الأمان الذي أعطته لهؤلاء القوم –سلفيي الإسكندرية- وستبدأ القذائف الرسلانية تنطلق من المسجد الشرقي بسبك الأحد.........) وهو ما اعتبره السكندريون بمثابة (مسعر حرب).
وبعد هذا الإعلان الذي نشره أنصار الشيخ على إحدى الساحات الحوارية، بدأت سلسلة من خطب الشيخ ومحاضراته ضد مسألة العمل الجماعي التنظيمي حمي فيها الوطيس، استهدف بالأساس مدرسة الدعوة السلفية بالإسكندرية.. كان ما استفز الشيخ خاتمة بحث للشيخ ياسر برهامي -المنظر السكندري- بعنوان العمل الجماعي بين الإفراط والتفريط، كان نص الفقرة التي أزعجت الشيخ وكانت خلاصة البحث هي "الجماعات الإسلامية المعاصرة أمل الأمة ونبض حياتها ومادة عزتها بإذن الله، فالقضاء عليها قتل للأمة ندعوا الله أن لا يقع أبدا".[1]
تصدى لرسلان الرمز السلفي السكندري محمد إسماعيل المقدم في محاضرة له عن العمل الجماعي يرد فيها هجوم رسلان، ومع اعترافه بالآفات التي تصيب الجماعات مثل التعصب والحزبية والتي وصفها "بالأعراض" إلا أنه دعا إلى معالجتها وليس اسئتصال هذه الجماعات.. لأن هذه الجماعات فيها خير وفيها شر لا يسوغ أن تفك عرى هذه الجماعات.
وتطرق المقدم إلى أخطر السلبيات التي تصيب العمل الجماعي وهي زعم بعض الجماعات أنها هي الجماعة العامة المقصودة من قوله عليه الصلاة والسلام: ما أنا عليه اليوم وأصحابي فيقول "هؤلاء يجعلون من أنفسهم حاكمين على منهاج النبوة والولاء والبراء ينعقد على هذه الجماعة من لم يكن لنا فهو علينا" وقال المقدم: "بعض الناس يتذرعون بأخطاء بعض الجماعات لإلغاء الجماعات كلها" ثم تطرق المقدم إلى دليل مشروعية العمل الجماعي فيقول "بعض العلماء يقولون إن مشروعية الجماعات ترجع إلى قاعدة المصالح المرسلة، بأن يكون هناك أمر لم ينص الشرع على اعتباره ولم ينص أيضا على عدم اعتباره، لكن هذا الأمر يتوافق ويتلاءم مع الشريعة الإسلامية، مثل جمع المصحف في عهد عثمان، مست الحاجة بعد سقوط الخلافة وعدم قيام الهيئات الرسمية بواجباتها إلى أن تنطلق طوائف من المسلمين من منطلق إحساسها بالمسؤولية تجاه هذا الدين من أجل حراسة هذا الدين وصيانته".
لكن رسلان لم يصمت وقام بالرد على المقدم في خطبة جمعة له في المسجد الشرقي في سبك الأحد بعنوان "إلى الشيخ المكرم أسوق هذا الحديث" وكانت هذه الخطبة لرسلان آخر مناظرات العمل الجماعي بين المداخلة والسكندريين، تبعها إعلان من جانب المقدم في إحدى محاضراته بانتهاء المناظرات بعد حديث له طويل عبر الهاتف مع الشيخ رسلان الذي أثنى عليه المقدم ثناء حسنا ووصفه بالبليغ الفصيح ذي الأدب الجم.
الحاكمية والتكفير
تعتبر قضية الحاكمية من المسائل التي تستفز المداخلة للهجوم على السلفية السكندرية الذين يعتقدون أن السيادة والتشريع حق خالص لله لا ينازعه فيه مخلوق كائنا من كان فهذا هو توحيد الحاكمية الذي هو من أخص خصائص توحيد الألوهية، بل لا يسلم توحيد الألوهية؛ ولذلك يرون وجوب تحكيم الشريعة ونبذ ما عداها، كما أن الحكم بغير ما أنزل الله من أصول الكفر الأكبر لا الأصغر بالإجماع؛ واستندوا في ذلك لأقوال شيوخ كبار من أمثال محمد بن إبراهيم ومحمود شاكر والشنقيطي.. لكن السكندريين لا يحكمون بكفر الحاكم عينيا، بل حكما فقط، وهو ما يعني عدم تكفير الحاكم لشخصه لأن ذلك يلزمه شروط أخرى منها سماع شبهته ومحاولة كشفها ثم استتابته بواسطة أهل الحل والعقد وإن لم يرجع حكم هؤلاء بكفره.
تصدى كل رموز المداخلة لهذه المسألة وقاموا بمحاولة إظهار مخالفتها لمنهج السلف، وكان من بين هؤلاء الشيخ السلفي المنشق عن المدرسة السلفية طلعت زهران الذي قال في خطبة له خصصها للرد على السلفية السكندرية في مسألة الحاكمية والتكفير وقال فيها: (هؤلاء ادعوا أنهم ملتزمون بمنهج وفهم السلف الصالح فلما ابتلوا ظهر أنهم ليس لهم علاقة بفهم السلف الصالح وكان أعظم الابتلاء الآية "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" قلنا نفهم هذه الآية بفهم السلف الصالح قالوا: لا ورفضوا تماما وقالوا هذه الآية في الكفر الأكبر، قلنا: لا لأن السلف قالوا هو الكفر الأصغر، قالوا: السلف قالوا الأصغر لكنهم يقصدون الأكبر، فكان عذرا أقبح من ذنب" .
وقام منظر الجماعة السلفية السكندرية ياسر برهامي بالرد على من هاجم رأيهم في الحاكمية من السلفيين، وقال: إن ما قاله في الحاكمية ليس كلامه وإنما كلام شيوخ السلفية، وكلام الشيخ محمد بن إبراهيم ومحمود شاكر والشنقيطي وابن باز وابن عثيمين، وتساءل برهامي: فلماذا لا يطعنون مباشرة على هؤلاء؟ ولماذا يقولون علينا تكفيريون وخوارج؟ هل كان ابن باز والعثيمين خوارج؟ يقولون ابن باز رجع عما قاله فهل كان ابن باز خارجيا ثم رجع هل تستطيع أن تقول هذا؟!... ثم تحتد لهجة برهامي ويقول: أنتم مغرضون أنتم ترون أن الله منّ على هؤلاء الدعاة بالقبول، وأنتم ليس لديكم ما لديهم.. نحن لم نأت بهذا الكلام من عند أنفسنا وإنما تعلمناه على يد مشايخنا.
الموقف من الإخوان
الإخوان في نظر سلفية الإسكندرية جماعة وليست فرقة، وهو ما يعني أنها ليست داخلة في الفرق النارية الثنتين والسبعين فهي تجمع على أصول أهل السنة والجماعة وإن اختلفت في الفروع، كما أن فيها الخير وفيها الدخن، وفيها البدعي والسني، ولذا فهم لا يعممون الحكم عليها..
أما المداخلة فهم يعتبرون الإخوان فرقة ضالة داخلة في نطاق الفرق النارية الثنتين والسبعين ولذا فهي لا تكل من الهجوم على الإخوان بخلاف السكندريين الذين يخف هجومهم على الإخوان.
في محاضرة له سئل ياسر برهامي: لماذا تعتبرون الإخوان وغيرهم جماعات وليست فرقا بالرغم من انحرافاتهم ومخالفاتهم. فأجاب: الذي يريد أن يعمم الحكم على هذه الجماعات التي فيها السني والبدعي، والتي فيها الخير والدخن أيضا فيعمم الحكم عليها ويقول إنها من فرق أهل النار قد أخطأ، لأنها لم تتبن أصلا كليا مخالف لأصول أهل السنة لكن يوجد بينهم من يخالف، أعني أنها لم تتبن في أصل كلي من أصول الايمان أو الأسماء والصفات، وهي في الجملة في مؤلفات مؤسسيها تدعو إلى العودة إلى الإسلام، ووجد فيهم من يدعو إلى التعاون مع أهل السنة لأنهم أقرب الطوائف القائمة إلى الحق، والمبتدع نحن نحذر من بدعته.
ثم قال برهامي: أهل السنة نحن نرفض الحكم عليهم بالنار ونحبهم على سنتهم ونكرههم على بدعتهم. هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا يمنع التعاون معهم على الخير والقضية عندنا ليست التسمي بالأسماء، إنما الأمر عندنا مبني على الاعتقاد والسلوك والعمل بناء على ذلك نحبه ونبغضه.
أما المداخلة فيعتبرون أن الإخوان وسلفيي الإسكندرية أنفسهم خارجون عن طريق أهل السنة ويرون في الإخوان الخطر الأكبر والأفعى التي ولدت أفاعي، والهجوم عليهم يكون على محورين: الأول هو المنطق العقلي الذي يتتبع أخطاء الإخوان السياسية والعلمية والتاريخية والثاني: محور يعرض الجماعة بأفكارها وتجربتها على عين شرعية فاحصة.
ويرى المداخلة أن الفكر الإخواني لم يستطع أن يعالج انحراف الأمة في العقيدة أو في السياسة أو في السلوك أو حتى في مشاكلها الحضارية التي تئن بها، ومن خلال العين الناظرة للواقع ترى أن حدة الصراع بين الدعاة وذوي السلطان زادت وتفاقمت وتنذر بخطر قادم بعد الخطر القائم، بل تعدى ذلك إلى صراع بين هذه الجماعات والأحزاب الإسلامية بعضها مع بعض، ووصل الأمر إلى حمل السلاح وضرب الرقاب.
الدعاة الجدد
يتصف الهجوم على الدعاة الجدد من قبل المداخلة بالشدة والقسوة التي تصل إلى التجريح، كما أن هذا الهجوم يبدو منهجيا ومنظما ودؤوبا ومركزا... فمحمد سعيد رسلان لا يتحدث عن عمرو خالد إلا بالداعية "الفاشخ فمه دائما أو الداعية المفشوخ فمه دائما"، ويصفه بـ"الضلال المبين"، وأنه "يزعم أنه على خطى الحبيب، والحبيب منه بريء"، ووصل الهجوم المدخلي إلى الحد الذي طالب فيه محمود لطفي عامر أحد الشيوخ المحسوبين على التيار المدخلي باستتابة عمرو خالد، وهو ما يعني اتهامه بالردة، لكن عامر استدرك في مقاله وقال إنه يقصد الاستتابة من الجهل لأنه قال كفرا لا يعتقده خالد.
لكن الأمر كان مختلفا عند السلفية السكندرية فقد حظي الدعاة الجدد عندهم بنوع من القبول ظهر في دفاع ياسر برهامي عن خالد، عندما قال خالد: "إن إبليس لم يكفر" ودافع برهامي عن خالد وقال: إن القول بأن عمرو خالد قال إن إبليس "مكفرش" هذا كلام ظلم للرجل، لأنه قال إن إبليس لم يجحد ولم يقل إن إبليس لم يكفر، ودعا إلى الكف عن القول إن عمرو خالد قال إن إبليس "مكفرش" لأن سياق كلام خالد أن الرجل كان يريد أن يقول إن إبليس لم يكذب أمر الله، لكنه كافر لأنه أبى واستكبر، وهذه حجة أهل السنة على المرجئة والجهمية الذين قالوا: إن الايمان هو المعرفة، لأن إبليس عنده معرفة لكنه ليس عنده إيمان كالذي يقول إن فرعون كان موقنا بنص القرآن لكنه كان كافرا، فهل تقول إنه لا يكفر فرعون.
سيد قطب
سيد قطب في نظر المداخلة هو أول من نظر للأفكار الخوارجية، وهو أول من فتق في الأمة فتق التكفير في العصر الحديث، فقطب-كما يرون- دعا إلى الخروج على الحكام بعد تكفيرهم وتكفير المجتمع الذي رضي بكفرهم، واستندت على أفكاره ورؤاه جميع الجماعات الخوارجية وشكل لأفكارهم مددا ومعينا.. ولكن هجوم المداخلة على قطب لم يقتصرعلى فكرة الحاكمية والجاهلية فقط لكن تتبعت كتابات الرجل كلها وأفكاره وتاريخه ومواقفه فكان هجومها عليه شاملا لمحاولة إسقاطه على الأقل في عيون محبيه ومن تأثروا بشخصه وبكتاباته، وذلك من خلال ضرب الأسس الفكرية التي يؤسس عليها قطب أفكارها، وإثبات أن عقيدته مشوهة، ومنهجه الشرعي به خلل.
ودائما ما يتهم المداخلة سلفيي الإسكندرية بأنهم من أتباع سيد قطب، لكن عند رصد الخطاب السكندري ومحاولة معرفة موقفهم من سيد قطب يلاحظ أن السكندريين لا يرفضون قطب جملة ولا يقبلونه جملة كذلك، فيأخذون منه ويستشهدون بكلامه في مواضع ويرفضونه في مواطن أخرى، وهو الأمر الذي يرفضه المداخلة الذين يقسمون الناس الى قسمين متبع يأخذ منه، ومبتدع لا يأخذ منه جملة وتفصيلا.[2]
الاحتجاجات
مع أن سلفية الإسكندرية معارضة للدولة بحكم أنها لا تعترف بشرعيتها الدينية إلا أنها لا تحبذ القيام باحتجاجات ضدها، ليس لأنها ترى حرمة ذلك ومخالفته لنهج السلف كما يرى المداخلة، بل لأن المفاسد المتوقعة من ورائها قد تفوق منافعها.
في مواجهة هذا الخطاب السكندري الهادئ ينشط المداخلة بقوة في مواجهة المظاهرات وحركات الاحتجاج بعشرات من الخطب والمحاضرات والكتابات، ويصفون كل المحتجين بأنهم "خوارج العصر" أيا كان سبب احتجاجهم وأغراضهم؛ لأن هؤلاء يخالفون أصلا من أصول أهل السنة في معاملة الحكام، ويعبثون بأمن الأمة ويضيعون مكاسب الإسلام، ويرون أن الدعوة إلى الإصلاح بتحريك الشعب من معدته ليس مؤسسا على الوحي المعصوم، بل على الظن الموهوم، وليس مرجعها دعوة محمد بل دعوة ماركس.
ويرى المداخلة أن المسلمين أيام النبي كانوا يعانون ولا يملكون، لكن النبي لم يقل لهم بعثت من أجل الإصلاح بالمظاهرات، ولم يقل بعثت من أجل خاطر الفقير المكسور، وإنما دعاهم إلى عبادة الله وحده وإلى الإخلاص، يقال له ما لي ان اتبعتك فيقول له الجنة، ولم يجعلها ثورة للأغنياء على الفقراء ولا للمطالبين بالمساواة في مجتمع طبقي كانت الطبقية صارخة في ظهورها وحدتها.
لا يختلف الخطاب السكندري كثيرا في القضايا الخارجية عن الخطاب الإخواني فهم على طول الخطاب يهاجمون الحلف الأمريكي الأوروبي الإسرائيلي ويضعهم في خانة كارهي الإسلام وأعدائه.
[1]) وردد رسلان نص تلك الفقرة في شبه صراخ وقال: (إلى المخدوعين اتقوا الله في أنفسكم اتقوا الله في شباب المسلمين وفي أرض المسلمين).. ثم يتساءل: هل تحقق بالتوحيد أو اتبع السلف من يقول هذا –ما قاله برهامي-؟ ويردف: الذي يقول هذا الكلام بين أمرين أحلاهما مر الأول: أنه لا ينتمي للسلف حقيقة وحالا وان ادعى ذلك لفظا ومقالا، الثاني: أنه جاهل بوضع السلف جاهل بوضع الجماعات في آن واحد.
ثم قال رسلان بغضب: هل من قال إن الجماعات الإسلامية أمل الأمة الى آخر ما قال من تهوره يعرف شيئا عن جماعة التبليغ والسروريين والقطبيين، ثم يأتي عند كلمة القطبيين فيعرض الشيخ بسلفيي الإسكندرية، ويكمل: فأما هذه فلا شك أنه يعرفها فهي قائمة على التكفير فلا شك أنه يعرفها، وتساءل الشيخ: ما الذي يريده القوم؟ ويكمل: "فإذا قلنا لهم ما دمتم تنكرون قولنا فأنتم جماعة وتنظيم"، ويشير الشيخ هنا إلى أنه يحاول أن يثبت أن العمل الجماعي التنظيمي القائم على البيعة والسمع والطاعة فتنة وبدعة، ويسوق أقوال العلماء التي تدل على حرمته بدلالة قاطعة، فلماذا يدافع عنه مشايخ الدعوة السلفية في الإسكندرية إلا إذا كانوا داخلين بداءة في المقصود، وفي النهاية يصرح الشيخ موجها خطابه مباشرة إلى مشايخ الدعوة السلفية في الإسكندرية، قائلا "إن الأخبار تتواتر عمن معكم وممن ترككم أنكم كذلك -تنظيميون- بلا فارق ولو يسير".
[2] ) فياسر برهامي يقول: كان ابن تيمية يأخذ من المعتزلة والقدرية، فيقول نحن نأخذ من الحق الذي عندهم فيجتمع الحق عندنا، ونرد الباطل الذي عندهم فنصل إلى النجاة من البدعة، كل من قال حقا نقبل منه، لقد أمرنا الله أن نقبل من الشيطان إذا قال حقا، وصار من السنة أن نقرأ آية الكرسي قبل أن ننام، والشيطان هو الذي علم أبا هريرة هذه الآية، فما الظن بأناس مسلمين لا شك أنهم بذلوا من أجل نصرة الإسلام، وأخطئوا في بعض المسائل، لكن كان في زمن انتشر فيه الجهل وقل فيه العلم.
ثم يقول برهامي: لقد التزم سيد قطب على كبر، رافضاً تهافت الناس على الحضارة الغربية مع أنه تكلم في مسائل عن الصحابة وعن الأنبياء لم يصل إلى الاستهزاء كما يزعمون، ولم يقل بوحدة الوجود كما يقولون، لم يأت بكفر بواح كما يزعمون ويؤولون كلامه على أسوأ المحامل ومن أجل أن بعض المشايخ الأفاضل الشيخ محمد إسماعيل والشيخ أحمد فريد قال في كتبه الشيخ سيد قطب رحمه الله قامت الدنيا ولم تقعد، أليس هذا من الظلم والعدوان وعدم الإنصاف ومخالفة طريق السلف، ألا تعلم أن البخاري قد روى في صحيحه لرواة قد يطعن عليهم بأنواع من البدع، منهم من هو من الخوارج لكن روى عنه فيما لا يوافق بدعته، وهو رجل ديّن في نفسه، فأخذ من كلامه ما لا يعضد البدعة.
ثم يقول: إذا أخذنا كلام سيد قطب وكلامه في الولاء والبراء سنجده كلاماً موافقاً للكتاب والسنة، وعدم التضحية بالمنهج للحصول على مصلحة سياسية، ما المنكر إذا ذكرنا ذلك ألم يحتج شيخ الإسلام ابن تيمية بكلام عبدالقادر الجيلاني وهو منسوب إليه وحدة الوجود أكثر من سيد قطب؟ وقال عنه الشيخ الإمام؟ ألم يقل الإمام ابن القيم عن الهروي إنه شيخ الإسلام، ووالله إن كلام الهروي في مواطن لا يحتمل "ضلال مبين".
ثم يقول: إن لسيد قطب مواقفه الرائعة في عدم الرضوخ للباطل هل ترضون بإعدامه وترضون بما فعل المجرمون الزنادقة به؟ هم عذبوا وسجنوا وأعدموا من أناس كانوا ينشرون العلمانية والاشتراكية بكل فظائعها، وواليتم هؤلاء على طول الزمن، هل رأيتم أحداً يوالي الحجاج على قتله عبدالله بن الزبير؟ لقد كان الحجاج من الحكام، ولقد كان يزيد الإمام فهل سمعتم أحداً يؤمن بالله كان يحب يزيد؟ لقد فعل بأهل المدينة ما فعل، وهؤلاء كانوا يصرحون بالشيوعية وهم كفار ويحاربون الدين باسم الرجعية.
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات