من أنا

صورتي
القاهرة
كاتب صحفي متخصص في الجماعات والحركات الاسلامية في مصر والعالم رقم هاتفي 0020109899843 salaheldeen1979@hotmail.com

Most Popular

الجمعة، 29 أبريل 2011

"جماعة فى أزمة" حوارات تكشف فكر الإخوان




هدى زكريا - اليوم السابع
صدر حديثاً عن دار مدبولى للنشر كتاب "جماعة فى أزمة.. حوارات مع قادة ومتمردين" للكاتب الصحفى صلاح الدين حسن.

الكتاب يقع فى 385 صفحة، ويتناول مجموعة من الحوارات التى أجراها مؤلف الكتاب مع عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين والمنشقين عنهم، ويقول المؤلف فى مقدمة عمله:

بين يديك عزيزى القارئ حصاد حوارات 5 سنوات من العمل فى ملف جماعة الإخوان المسلمين، ولن أخفى عليك ما عانيته خلالها من مشقة وآلام، فالحق أن حلقى لم يتذوق حلاوة البحث عن الحقيقة فى هذا الملف منذ خرجت من قريتى عام 2006 للعمل فى جريدة الدستور المصرية، حتى انتقلت للعمل فى شبكة إسلام أون لاين عام 2009، لكن مع أنى لم أتذوق حلاوة، إلا أننى استفدت الكثير خلال تلك السنين، ولم أبخل عليك عزيزى فى أن أهدى إليك حصاد معاناتى ومشقتى، وأنا على يقين أن إهدائى هذا سيزيل عنى مرارة ما عانيته، ويسقينى كثيراً حلاوة ما افتقدته.

ويضيف: كثيراً من القيادات التنظيمية الإخوانية تعتقد أن الأمن يقف محركاً وموجهاً، بل وآمراً للميكنة الإعلامية التى يبسط خيوطه عليها لشن حرب هوجاء وسافرة على الجماعة، ونتيجة هذا التصور يتم إسقاط كل من ينتقد الجماعة فى سلة الخادمين لأهداف الأمن، عدو الجماعة، ويغض رجال الجماعة الطرف عن أن الغالبية من منتقديها ينتمون إلى تيارات وطنية لا يستطيع أحد أن يجردها من إخلاصها ووطنيتها وصدق نيتها، حتى لو شنت هذه الأقلام هجوماً على الجماعة، فهو حقها، ولا يملك أحد الحق فى إخراسها تحت وطأة الضغوطات النفسية الناتجة عن مقولات ترويجية تهدف إلى إعطاء اعتقاد بأن الحملات الإعلامية ضد الجماعة تقف وراءها الأجهزة الأمنية.

ويزعم الكاتب، أن التنظيم هو الذى كسر أجنحة الجماعة الإعلامية وليس الأمن، فالتنظيم لم يرد فى ذهنه فكرة النهوض والإسهام فى بناء وتطوير واقع مهنة الصحافة بشكل عام، وأن يفرخ منه كفاءات صحفية تساهم فى تشكيل وعى الأمة، لكن ظل دوما ينظر للإعلام ويتعامل معه على أساس أنه قنطرة تدعو للتعاطف معه والاستقطاب إليه، دون الدخول فى معارك تهدف فى النهاية إلى خلق حالة من البحث عن الحقيقة تصب فى صالح الأمة.

يكشف المؤلف خلال حواراته إيدلوجية ومنهج جماعة الإخوان المسلمين الفكرى والسياسى، وذلك فى حواره مع محمد مهدى عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، والذى استبعد فى حديثه فكرة أن يثور الشعب المصرى قائلا: النظام سيسقط بمفرده ولن يثور المصريون، إلا إذا قامت ثورة الجياع هذه لا يستطيع أن يقف فى وجهها النظام، ولسنا كإخوان مسلمين جياعاً بمعنى أننا لسنا متعجلين، وكل ما أخشاه أن تكون هناك ثورة بلا منطق وبلا عقل.

بالإضافة إلى سلسلة حوارات مع عبد المنعم أبو الفتوح بعنوان: أبو الفتوح دعا قواعد الإخوان لانتخاب المرشد عبر الإنترنت، الإخوان ستموت إذا لم تراجع نفسها، الأمريكان والمليشيات والتوريث والانفجار، المنشقون.

وأيضاً حوار مع عاصم شلبى بعنوان الإعلام فى الإخوان، وآخر مع محمود عزت بعنوان التربية فى الإخوان، والتنظيم الدولى مع أسامة نصر، وحوار شرعية دخول الانتخابات مع عبد الرحمن البر.

أما فى حوارات المؤلف مع المتمردين فنجد حوار الاستراتيجيات والإخوان بين رجال الدولة ورجال الدعوة مع مختار نوح، وحوار التنظيم السرى فى الإخوان وهم أم حقيقة مع سيد عبد الستار المليجى، وتاريخ الإخوان مع السياسة يتسم بالفشل الذريع حوار مع أحمد رائف، والإخوان والحائط السد حوار مع محمد حبيب.

وكذلك مجموعة حوارات مع البرلمانيين منها حواران مع سعد الكتاتنى وهما: سنقوم بالتوسط لحل مشكلة النظام مع الجماعة، والإخوان والكونجرس.. مستعدون لزيارة الكونجرس الأمريكى.

وأخيراً سلسلة حوارات فى التاريخ مع صقر النظام الخاص أحمد عادل كمال، بعنوان حقيقة النظام الخاص، والمنشية لم يكن مفبركاً مع المؤرخ الإخوانى أحمد رائف، وحوار مع الدمرداش العقالى بعنوان البنا أوصى لعبد الناصر من بعده والإخوان يردون على العقالى "كيف يوصى البنا بناصر وهو غير مؤهل؟
Read More

الخميس، 17 مارس 2011

أبو الفتوح: أرفض تأسيس حزب للإخوان المسلمين في مصر

القيادي البارز وعضو مجلس شورى الإخوان يتحدث لإسلام أون لاين
أبو الفتوح: أرفض تأسيس حزب للإخوان المسلمين في مصر

أجرى الحوار:
صلاح الدين حسن
إسلام أون لاين - القاهرة

بعد نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بادرت قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالإعلان عن نيتها في إنشاء حزب سياسي جديد تحت مسمى "العدالة والحرية"، كما سمت وكيلا لمؤسسي الحزب هو الدكتور سعد الكتاتني بما يؤكد على حسم الجماعة قرارها بشأن إنشاء حزب سياسي للجماعة.. لكن يبقى المشكل في تحديد العلاقة بين الجماعة وبين الحزب بعد الإعلان عن صيغة البرنامج النهائية.

في هذا الحوار يفاجئنا القيادي البارز في الجماعة الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح أنه لا يؤيد إنشاء حزب سياسي يكون ممثلا للجماعة أو معبرا عنها أو أن تتحول الجماعة إلى حزب سياسي بدعوى أن هذا ليس من وظائف الجماعة الأساسية، مؤكدا أنه لو أخذ مجلس الشورى قرار إنشاء الحزب فقد خط طريقا جديدا للجماعة لن يكون معهم وفيه، ولجمهور الإخوان أن يقبل أو يرفض، مشيرا أنه إذا لم تغير الجماعة من نفسها بعد الثورة سيكون ذلك إيذانا بالقضاء عليها.

وأكد أبو الفتوح أن الجماعة لم تحسم أمرها في هذا الشأن إلا بعد انعقاد مجلس شوراها كونه المختص الأصيل في اتخاذ هذا القرار.. أبو الفتوح أطلق مفاجأة من العيار الثقيل تتمثل في تفكيره إنشاء حزب سياسي له مرجعية إسلامية.

نص الحوار

الجماعة وفلسفة الحزب

* هل تتماشى فلسفة الحزبية مع منهج الجماعة الذي وضعه مؤسسها حسن البنا أم ترى أن الجسد الإخواني يلفظ هذه الفكرة ولا ينسجم معها؟

** بداية لا بد لنا أن نفرق بين موقفين موقف الإخوان حينما فرضت عليهم المحظورية قبل ثورة 25 يناير، وبالتالي فقد كانت القضية الأساسية للإخوان هي اكتساب المشروعية باعتبار الإخوان تنظيما مدنيا دعويا، ويريد أن يعمل بطبيعته في النور ولو أن الإخوان كانوا يريدون أن يكونوا تنظيما غير مشروع لفعل ذلك الأستاذ البنا منذ النشأة، ويكون له عذره لأن الدولة كان بها احتلال إنجليزي لكنه رفض ذلك وأبى إلا أن تكون جماعة الإخوان المسلمين تنظيما مدنيا عمل في هذا الوقت في صورة جمعية لأن قانون الجمعيات لم يكن في هذا الوقت كما هو الآن مقيداً للحريات، بل كان موضوعا في ظل حريات وحالة من الليبرالية عمت مصر وعندما اصطدمت الثورة بالإخوان في عام 1954 ومنذ حكم السادات ومرورا بحكم مبارك أعطى للإخوان مشروعية فعلية، ولم يعطهم مشروعية قانونية.

وأداء النظام السابق لم يكن يدير بمنطق الدولة بل بمنطق (العزبة) فلا توجد دولة تسمح لفصيل وطني كبير مثل الإخوان أن يعمل هكذا بدون مشروعية قانونية ولم يكن هذا الوضع خاصا بالإخوان فقط بل بفصائل كثيرة جدا مثل الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل وحركة كفاية.. فما كان وضع كل هؤلاء قانونا.. فصاحب "الأبعدية" لم تكن توجد لديه مشكلة في ذلك بهدف أن يظل الجميع بما فيهم المعارضة والإخوان تحت وطأة السلطة ووطأة جهاز أمن الدولة، وهو بالمناسبة أسوأ جهاز في مصر الذي كان يستخدمه الحاكم في قمع كل الوطن وليس لقمع المعارضين فقط بهذا الجهاز الذي يجب أن يحل فورا دون تباطؤ، ويجب أن يكون ذلك أهم مطالب الثورة.

لا داعي للحزب

* هذا عن موقف الإخوان قبل ثورة يناير، وماذا عن الموقف بعدها؟

** بعد الثورة لم يعد هناك حاجة لأن تصبح الإخوان حزبا ولا أن تنشئ حزبا، وأنا أعلنت هذا الرأي منذ 3 سنوات، وقلت إن الإخوان لا يجوز أن تكون حزبا ولا يجوز أن يكون لها حزب بل يجب أن تظل حركة إسلامية دعوية ومنظمة مدنية تمارس عملها الدعوي والنضالي بوسائل مشروعة وهي الوسائل التي مارسها الإخوان في فترة المشروعية من عام 1928إلى 1954، ثم مارسوها بالمشروعية الفعلية من عام 1970 حتى ثورة يناير 2011. إذن لا يوجد مبرر الآن للإخوان أن تكون حزبا ولا يجوز أن يكون لها حزب تقول إنه ممثل أو يعبر عنها.. نحن ضد هذه المسائل ليس من الناحية التنظيمية لكن من الناحية الأصولية والمبدئية.

* لكن أليس من حق أفراد الجماعة أن تمارس عملا سياسيا عبر الأحزاب الشرعية؟

** ما أقوله لا يمنع أي عدد من الإخوان أو مجموعة من الإخوان مع آخرين أن يكونوا حزبا بل هذا حق كل مجموعة على حدة، وحينها يكونون هم المؤسسين للحزب الواضعين لبرنامجه المنتخبين لقياداته، بعيداً عن الجماعة التي لا يجوز لها ذلك والذي يجعل قواعد الإخوان في حالة غضب شديد من أن يكون للجماعة حزب أو أن تعين وكيلاً لهذا الحزب.

وجماعة الإخوان المسلمين منذ أن نشأت حتى هذه اللحظة لا يستوعبها الحزب أما الإخوان المسلمين كمؤسسة دعوية تدعو الناس لاستقلال الوطن وتناضل من أجل الحريات ودخل أبناؤها السجون من أجل هذا لا يجوز لها أن تكون طرفا في منافسة سياسية، هذا ليس من رسالتنا، وهذا ليس لأن المنافسة السياسية والمنافسة على الحكم شيء مشين وخطأ لكن لأن هذا ليس من صميم أداء هيئة الإخوان المسلمين، والتي ليس منوطا بها أن تقيم نظاما كاملا للصحة أو نظاما كاملا للاقتصاد لكن تملك رؤية فقط رؤية لهذا المسائل وتدعو إليها.

الفصل بين السلطتين

* وماذا عن فصل الدعوي عن السياسي؟

** الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى والدعوة للدين وللقيم والمبادئ وللإسلام بشموله تعطي لمن يقوم بها سواء أكان فردا أو مؤسسة مثل هيئة الإخوان المسلمين سلطة معنوية، رضيت أم لم ترض -ليس هو الذي يريد بل هي التي تعطيه السلطة المعنوية- والجمع بين السلطة المعنوية الممثلة في الدعوة وبين السلطة السياسية خطر ماحق على الأمة.

فما الذي جعل الدولة المدنية عندما أُسست قررت أنه لا بد من فصل السلطات، ولماذا لم تجعل كل هذه السلطات سلطة واحدة لماذا كل هذا؟ للحيلولة دون استبداد أي مؤسسة بمقدرات الأمة لأن الأصل هو الشعب والأمة تتنازل عن بعض حقوقها من خلال عقد اجتماعي من أجل إدارة المجتمع.

لكن هي في الوقت ذاته تتحاشى أن تتنازل عن عدد من حقوقها أن تكون السلطة الموجودة مستبدة -كما حدث- فتغتال هذه السلطة بقية حقوقها، وهذا في الفكر السياسي الاجتماعي أطلق عليه الفصل بين السلطات، والذي يتحدث باسم الدين وباسم الدعوة له سلطة معنوية على الناس، فحينما تجتمع للهيئة السلطة المعنوية التي تمارسها بحكم أنها داعية والسلطة المادية بحكم أنها رئيس أو حاكم سيجعلنا عرضة للاستبداد.

* اجتمعت السلطتان في عهد النبي والخلفاء الراشدين ولم يكن هناك استبداد؟

** بعد هذه المرحلة انفصلت السلطتان لأنك لم تعد أمام نبي ولا راشدين من بعده، وعمليا فمنذ هذا الوقت انفصلت هذه السلطة عن هذه -والانفصال هنا انفصال وظيفي في القيم- فكان العلماء الذين يمثلون السلطة الدعوية والمعنوية في ناحية، وكانت الخلافة التي تمثل السلطة السياسية في ناحية أخرى، فإذا انحرفت السلطة السياسية عن قيم المجتمع وعن حضارته وقيمه الأصيلة تتحرك هذه السلطة وتقول له "قف" ليس لأنها تملك عليه أي سلطان مادي ولا ولاية ولكنها تمثل حضارة الأمة وقيمها.

* يفهم من ذلك أنك لا تحبذ الممارسة السياسية للجماعة؟

** الجماعة يجب أن تشارك في السياسية وأنا ضد فصل الدعوي عن السياسي.

البنا والسياسة

* لكن الجماعة حاولت أن تشارك وتنافس على السلطة منذ عهد مؤسسها حسن البنا الذي حاول أن يدخل البرلمان وقام بترشيح نفسه لعضويته؟

** ما تقوله أنت يؤيد ما قلته ويثبت ما أقوله لو كانوا يحترمون أداء الأستاذ البنا، فلو كان البنا رحمه الله يريد أن ينافس على السلطة، لكان قد شكل حزبا من البداية، وكان في هذا الوقت صناعة الحزب سهلة ولم يكن هناك صفوت الشريف ولا لجنة شؤون الأحزاب ولو كان الأستاذ البنا يريد أن ينافس بهيئته على الحكم لكان قد رشح مائة من الإخوان المسلمين. وليس معنى أني أقول لا ينبغي للجماعة أن تنشئ حزباً أو أن تكون طرفا في منافسة أنني لا أدعو إلى أن أقف "أتفرج".
ومن أجل هذا فإن المرة التي دخل فيها الأستاذ البنا الانتخابات دخل بشكل تكتيكي للضغط على رئيس الوزراء وقتها مصطفى النحاس لإعادة (الُشعب) فعندما قال له النحاس سأرجع (الُشعب ) قال له البنا إذن لن أخوض الانتخابات، ولو كان الترشيح مسألة مبدأ فلن يكون ليعود عنها ولا كان قد نزل بمفرده.. وهل من المعقول في هذا الوقت وفي قوة الإخوان عندما يفكر أن يدخل البنا البرلمان يدخل بواحد أو اثنين، ولماذا لم يدخلوا بـ 100 مرشح؟!

* عمليا ما الدور السياسي الذي يمكن أن تمارسه الجماعة إن لم يكن لها حزب؟

** المنافسة السياسية ليست في رسالة الجماعة وليس على أجندتها.. قبل وفاة الإمام البنا كان قد قال للأستاذ فريد عبدالخالق إنه يرى أن الحزب الوطني في هذا الوقت -وكان العام 1948- هو الحزب الأقرب إلى الحضارة الإسلامية لتحقيق أهداف الأمة واستقلالها، وإنه لو طال به الوقت لكان سيدعم هذا الحزب وهذا هو ما نقوله.

جماعة الإخوان المسلمين تمارس العمل السياسي لأنها تجمع من يدعو إلى الله، وأنها حينما تنظر إلى مساحة الحزبية وترى أن هذا الحزب أو هذا الشخص قد يحقق استقلال الأمة والحفاظ على مصالحها وحريتها ستدعمه فتدعم هذا الحزب أو ذاك دون أن يكون لها هي حزب.. هذا حتى لا يفهم من كلامي أن تتحول جماعة الإخوان المسلمين إلى جمعية دفن موتى بل لا بد أن تستمر كجماعة نضالية ترفع مفهوم الإسلام الشامل، وتناضل من أجله وتدعو الناس إليه؛ لكن هذا ليس معناه أن يكون لها وزارة صحة أو اقتصاد ليس هذا من عملها.

ويجب على أي حركة اسلامية أن تحافظ على نفسها كحركة مجتمعية نضالية تحافظ على استقلاليتها وحريتها بكل وسائل العمل النضالي فتقوم بعمل مؤتمرات وندوات وتقوم بنشر الوعي السياسي والخلقي والقيمي وتربي شباب الأمة للحفاظ على كيان المجتمع.. أما المنافسة على الحكم فهذا من عمل الأحزاب.
ودوري في هذه المسألة أن أقف كقوة إسلامية كبيرة مع هذا الحزب أو ذاك لأنه أقرب لأهداف الأمة ولا أقف مع هذا لبعده عن نفس السبب ومع أن الإخوان لا ينبغي أن يمارسوا هذا العمل (الحزبي) كهيئة إلا أن أفراد الإخوان لهم أن يمارسوه، لكن ليس باسم الجماعة.

* لكن هناك من يرى أن تظل الجماعة كما هي جماعة شاملة ولا يكون لها حزب، لكن تمارس العمل السياسي كما هي الآن بعد أن تكتسب المشروعية؟

** هذا الكلام لا يتماشى مع القوانين.. أنت تعيش في دولة حديثة أو من المفترض أن تكون حديثة وديمقراطية ولها دستور.. لكن ما هو أهم للجماعة من ذهابها في طريق الحزب هو أن تسعى لاكتساب المشروعية، وذلك عندما يكون قانون الجمعيات قانونا طبيعيا لأن القانون الموجود الآن ليس طبيعيا، فهو يضع مؤسسات المجتمع المدني في قبضة المحافظ أو الوزير يحلها وقتما شاء ويصادرها عندما يشاء.. هذا قانون استبدادي يتوافق مع عصر مبارك والسادات وعبد الناصر.
القانون الطبيعي هو الذي يسمح للمجتمع المدني في أن يؤسس مؤسساته، وهيئاته الشرط الوحيد هو أن تكون الأهداف والوسائل مشروعة متفقة مع القانون ويكون تأسيس المؤسسات بالإخطار.

الحزب لم يحسم بعد

* ما جدوى ما تقوله الآن وقد بدا أن الجماعة قد حسمت الأمر وأعلنت عن إنشاء حزب، وعينت وكيلا للمؤسسين؟

** لم يحسم بعد، وما زال الموضوع محل نقاش لأن الذي سيحسم هذه المسألة ومسائل أخرى هو مجلس الشورى الذي لم ينعقد بعد.


* لكن خطاب قيادات مكتب الإرشاد يؤكد على حسم القرار كما أن ملامح الحزب قد اتضحت من حديث نائب المرشد دكتور رشاد البيومي، وأكد على أن الحزب سيكون بمثابة القسم السياسي للجماعة؟

** الحزب لم يفرض فرضا وكل هذه المسائل تحضيرية لأن الجهة المختصة بأخذ القرار هي مجلس الشورى، وحتى من الناحية العملية فحتى الآن لم يلغ قانون الأحزاب فكيف ستشكل حزبا! نحن في مرحلة انتقالية والذي يتم منا ومن غيرنا لا يعدو أن يكون مسائل تحضير، لكن ما ستؤول إليه الأمور لم يتضح بعد.

* الدكتور محمود عزت قال الكلام ذاته الذي قاله الدكتور رشاد البيومي، ألا يؤكد هذا أن الجماعة قد حسمت أمرها في موضوع إنشاء الحزب الممثل للجماعة؟

** كل هذه الأفكار ستكون محل مناقشة مجلس الشورى وهو الذي سيقرر.. كل هذه مسائل تحتاج إلى حوارات تتم بالفعل داخل الجماعة إلى أن تحسم كل هذه الأفكار.. كنا قبل ذلك لا نجتمع بسبب جهاز مباجث أمن الدولة الذي كان يهدد ويقول لو اجتمعتم سوف أعتقلكم، أما الآن فنستطيع أن نجتمع كل يوم ومجلس الشورى هو الجهة المختصة لحسم قضية الحزب بنص اللائحة؛ وبالتالي فالذي يعرض الآن مسائل تحضيرية وكل الذي يقال الآن هو مجرد أفكار.

جريدة الشروق المصرية قالت اليوم إن شباب الإخوان يطرح أفكارا وحوارات وفي العلن، وهذا ما يجب أن نشجعه، وهذا الشباب يقول لا يجوز أن يكون هناك فرع للجماعة، وهذا رأي مجموعة شباب الإخوان والتي شاركت باسمنا في الثورة.

لكن أحيانا في الإعلام يستقبل كل الأفكار بطريقة كأن شباب الجماعة يتمرد عليها، والشباب لا يتمرد لأن هذا رأيه الذي يؤيده الكثير وأنا ،منهم ونرى أنها آراء صحيحة.. وهي أن دور الإخوان أعظم وأسمى من المنافسة السياسية وأن تدخل في منافسة مع آخرين يجب أن تظل جماعة الإخوان جماعة دعوية نضالية، ومن أجل هذا حفظ المجتمع للإخوان منذ أن بدأت الثورة ما قامت به وموقفها الذي أكدت من خلاله أنها لا تريد أن تقدم رئيسا للجمهورية أو أن تشارك في الحكومة، ولكن تريد أن تحافظ على الوطن وأن يكون حرا وأن تكون الدولة المصرية دولة عصرية ولا يجوز لأحد أن يستدرجنا إلى غير هذا المستوى النبيل الذي يمثل تضحيات الإخوان على مدى 80 سنة، والذي يريد أن يشارك في عمل فيه منافسة فهذا حقه.

* أفهم مما تقوله أنه قد تتراجع الجماعة عن إنشاء الحزب لو ارتأى مجلس الشورى غير ذلك؟

** الذي تحدث في موضوع الحزب هو المكتب التنفيذي –الإرشاد- وهو يقول هذا، يقول إن هذا تحضير، وأن الجهة المختصة طبقا للائحة لحسم هذه المسألة هو مجلس الشورى الذي لم يجتمع بعد، وعندما يجتمع قد يحدث كل ما قاله المكتب التنفيذي، وإذا حسم هذا سيكون قد خط طريقاً جديداً لجماعة الإخوان منذ أن نشأت وهذا حقه، ويقبل هذا جمهور الإخوان أو لا يقبله.. أن تكون الجماعة حزبا أو أن يكون لها حزب هذا طريق جديد للإخوان، أنا لست معه.

تجارب مريرة

* ليست التجربة الأولى، هناك تجربتا الإخوان في الأردن والجزائر..

** هي تجارب أن تتحول الجماعة إلى حزب فقد حدث في الجزائر وكانت تجربة مريرة، وأن يكون للجماعة حزب حدث في الأردن، وكانت تجربة مريرة أيضا.. فالتجارب تقول إن الحركات الإسلامية سواء المرتبطة بمدرسة الإخوان المسلمين وحتى غير المرتبطة بها تقول إن الحركات الإسلامية يجب أن تظل حركات نضالية تدعو للإسلام الشامل، وتناضل في كل الاتجاهات من أجل استقلال الأوطان وحريتها.

فإذا رأت المؤسسات المسؤولة في الجماعة أنها تصنع "سكة" جديدة أو تأخذ الجماعة في اتجاه آخر قد تراه هي لمصلحة الحركة والدعوة فهذا حق المؤسسة، وجمهور الإخوان رقيب عليها أن يؤيد هذا أو لا يؤيده نحن في مجتمع مفتوح الآن لا شيء "يستخبي" الآن ولا يجوز لأحد أن يقول لأحد "قل رأيي بيني وبينك" لأن الشأن العام يجب أن يكون حواراً عاما، ويكون على أساس موضوعي، وعلى أساس الحفاظ على هذا الكيان الوطني الذي يجب أن نحافظ عليه كلنا، سواء الإخوان وغيرهم.

وهذا الكيان مصلحة مصر، وأن هذا الكيان هو الذي يصنع الربط داخل المجتمع المصري قد ننقده لكن عندما تقيمه تعرف أنك يجب أن تحافظ عليه وتدعمه لا أن تفجر فيه وتبحث على كيف تسقطه مثل "المهاوييس" الذين ليسوا عندهم أي قدر من الحس الوطني والذين قالوا عن الشيخ العلامة القرضاوي –الذي يشرف مصر كلها أن يكون ابنها ورمزاً من رموز دعوتها الإسلامية المستنيرة والذي يجب أن نشيد به- إنه رمز لسيطرة الإخوان على الثورة.. فلا الإخوان ولا غير الإخوان يستطيع أن يسيطر على الثورة.

والإخوان جزء من هذا الشعب فبدلاً من أن نشيد بهذه الجمعة العظيمة تخرج بعض الأصوات الغريبة وتصور المسألة على أنها محاولة للقفز على الثورة والسيطرة عليها، فضلا عن الإخوان لم يريدوا ذلك وأعلنوا عن هذا بوضوح، ولو أرادوا أن يسيطروا فلن يستطيعوا لا هم ولا غيرهم.. ومع ذلك فالإخوان لم يريدوا السيطرة على الصورة وتصرف بعض الأفراد هنا أو هناك لا يجوز أن يحسب على جماعة الإخوان المسلمين.
الإخوان بعد الثورة

* البعض يرى أن الجماعة لم تتغير كثيرا بعد الثورة وما زالوا يقبعون في القمقم التنظيمي ويعيشون بروح ما قبل الثورة؟

** الإخوان بعد الثورة تختلف عن الإخوان قبل الثورة، ومن يقول غير ذلك فهو ليس داريا بما يحدث، وكل الذي تتحدث عنه سلوك فردي سيفرض عليهم بعد ذلك سلوكا مختلفا رضوا أم لم يرضوا.. وستعمل الجماعة بشفافية ووضوح حتى في المسائل الإدارية والمالية ويكون المجتمع والقضاء والإعلام رقيبا عليها وهذا لصالحنا وحينما نقول إن الاعلام والقضاء والمجتمع رقيب علينا في أدائنا المالي والإداري والدعوي والفكري فهذا يقوينا وهذا مكسب لنا.

والذي حال بيننا وبين تحقيق هذا المكسب العظيم أن النظام فرض علينا المحظورية، والآن ذهبت المحظورية ويجب أن تؤسس الجماعة نفسها بشكل قانوني وشفاف وتمارس عملها الدعوي والمالي والإداري بكل شفافية ووضوح، وهذا لمصلحتها وسيكون قوة للجماعة وليس إضعافا لها والذي يقول غير ذلك سيكون إنساناً مغرضاً وصاحب مصالح شخصية.. وهذا كان من شأن الجماعة منذ عام 1928- 1954 فقد كانت الجماعة موجودة وتمارس عملها بوضوح، ويراقبها الإعلام والقضاء والمجتمع، وهذا شكل الجماعة الطبيعي الذي يجب أن يعود لوضعها الأصلي.

* هل لديك أجندتك وأفكارك التي ستقوم بطرحها على مجلس الشورى وما شكل المراجعات التي تود طرحها في الفترة المقبلة؟

** كل شيء خاضع للمراجعات في التنظيم والأفكار، كل هذا وارد ليس هناك شيئا مقدساً. سيطرح هذا كله وهو الآن يطرح بالفعل في حوارات داخلية بين الإخوان وبعضهم.. دعك من بعض الأفراد التي تستحضرهم ذاكرتك الآن لكن أنا أؤكد لك على أن "الميني ستريم" في الجماعة يريد أن يكون وضعه قانونياً ومفتوحاً وشفافاً، وأموره كلها أمام المجتمع الذي يعرف عنه كل كبيرة وصغيرة.. ولا يوجد شيء اسمه "هذا شيء داخلي" إذا كانت هذه المصطلحات تصلح في الماضي فلا تصلح الآن، وفي ظل وضع الجماعة القانوني وفي ظل ظهور لوائحها وإعلامها ووضعها القانوني سيغير من أداءات خاطئة كثيرة جدا.

ثورة داخلية

* هل يمكن أن نتوقع ثورة داخل جماعة الإخوان المسلمين؟

** هذا يشرف الإخوان أن يكون هناك ثورة بمعنى التغيير للأفضل وهذا هو الأصل في الاسلام أي إنسان مسلم سوي يجب أن يكون هناك تغيير للأفضل، سمي هذا ثورة فلا بأس فهذا اسم جميل.

* ماذا لو بقيت الأوضاع داخل الجماعة على ما كانت عليه؟

** مستحيل.. هل تتصور أن مصر بعد 25 يناير هي مصر قبل 25 يناير.. وإذا كنا نظن أننا كمنظمة يمكن أن نسير كما كنا قبل ذلك سيكون هذا إيذانا للقضاء على هذه المنظمة نحن أو غيرنا، ولا بد أن تحدث تغييرات وأداءات تتفق مع مرحلة الحرية.. نحن كنا في مرحلة استبداد وقمع ومحاكم عسكرية فكان هذا يفرض علينا طريقة معينة لا تعجب البعض.. لأن هذا البعض كان يتناسى أننا أول من قدمنا للمحاكمة العسكرية، ولكن الآن لا يوجد مبرر لكل هذا.

الآن إذا كان لأحد قبل ذلك أن يقول هذه مسألة داخلية ليس له الحق في ذلك الآن؛ لأنه ليس من حق أحد أن يقول هذا. وإذا كنا قبل ذلك مضطرين ألا نجمع مجلس الشورى، فالآن لا يوجد مبرر لذلك، فليجتمع مجلس الشورى يوميا.. وإذا كنا مضطرين أن نجري انتخابات بالتمرير وهي باطلة فيجب الآن أن نجري انتخابات على الملأ وفي صندوق زجاجي ونرى كيف تدار الانتخابات في الإخوان.. قبل ذلك كنا نقول ذلك من باب الأمنيات الآن يجب أن تتحول هذه الأمنيات إلى واقع.

* هل تفكر في إنشاء حزب له مرجعية إسلامية؟
** كلنا نفكر في هذا ولكن الذي يفكر في حزب سواء أنا أو غيري يجب أن يدرك أنه هو والآخرون ليسوا ممثلين للإخوان أو فرعا منها، لكن لا يوجد مانع أن ينشئوا حزبا، وللشباب أن ينشئوا حزبا، وأن يشكلوا مؤسساتهم المجتمعية، وكل هذا لا يحول بينهم وبين الجماعة الإخوان.

* وهل ستُشكل حزباً ؟
** قد يحدث هذا في المستقبل، لكن لم أقرر هذا بعد.
Read More

الجمعة، 18 فبراير 2011

الاخوان ما بين ثورتي يوليو ويناير ... أخطاء لم تتكرر

صلاح الدين حسن
مع أنها كانت لا تحبذ كتابة تاريخها وتوثيقه إلا أن هذا التاريخ ظل يشكل الجزء الأهم من
وعيها ووجدانها.. كانت دائما تجتره لتضعه أمام ناظريها لتقلب صفحاته بانتصاراته وانكساراته بمحنه وإحنه بصعوده وهبوطه بمده وانحساره.
فمنذ أن خرجت جماعة الإخوان المسلمين من سجون عبدالناصر ممحونة ومأزومة وهي تمتلك مخزونا هائلا من الخبرات في التعامل مع السلطات المصرية التي بطشت بها بطشة الجبارين، كما تمتلك أيضا معرفة كبيرة بطبيعة الشعب المصري الذي لم يحرك ساكنا عند الزج بمعظم أبناء الجماعة في أتون السجون وتعليق خيرة أبنائها على أعواد المشانق.
وعندما أعطاها الرئيس السادات فرصة للملمة مكوناتها وتجميع أشتاتها ونجحت في تجديد شبابها عن طريق ضم غالبية شبان الجماعة الإسلامية الطلابية إليها لتشكل منهم عصب تنظيمها مرة أخرى، تيقنت الجماعة أن الله نفخ فيها الروح من جديد، وأنه قدر لها أن تكون فاعلا مهما في صنع تاريخ المرحلة المقبلة.
لكن تاريخ المحنة ظل دائما يشكل شبحا مخيفا يتراقص من حين لآخر أمام أعين قادتها وحراسها مما جعلهم أكثر حرصا على بقاء هذا التنظيم وعدم ضياعه مرة أخرى، وأخذوا يذوبون فيه وينكفئون عليه غير مراهنين على شيء سوى تصاريف القدر..
البنا والثورة
مع أن الخطاب الإخواني المعلن دائما ما كان يؤكد على رفض منطق الثورات والانقلابات إلا أن الممارسات العملية للجماعة يؤدي إلى عكس ذلك. وللحق فإنه من غير المنطقي حتى ولو سعت الجماعة لإحداث ثورة أن تعلن عن عزمها ذلك.
كان الشيخ المؤسس حسن البنا يؤمن أنه قادر بجماعته على فعل كل شيء في آن واحد (دعوة وتربية وسياسة) فهكذا هي دعوة الإسلام "شاملة" وأنه لا شك محقق مبتغاه فهذا هو طريق الرسل ودعواتهم، ثم إن دعوة الإسلام دعوة "ربانية" ورجالها "ربانيون"، وُعدوا بالنصر ذلك الوعد الذي وعد به العباد الصالحون.
حاول الرجل أن يقتدي بالنبي (ص)، واستلهم سيرته العطرة، وأسقطها على جماعته بذكاء وحصافة، لكن كما كان النبي (ص) يعلم ويربي كان يعد العدة أيضا لإقامة الدولة، فذهب الرجل ليعد هو أيضا ذلك.
أخذ يشكل تنظيمات سرية في الجيش والشرطة يتولى قيادتها تنظيم مدني داخل جماعته كان هدفه واضحا "التمكين للدولة الإسلامية" بعد الإطاحة بفاروق، لكنه كان دائما ما يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان، ففي حين كان يعد للانقلاب على المملكة كان يهادن ملكها ونظامه مخاطبا إياهم بأنه وجماعته لا يؤمنون بالانقلابات ولا بالثورات، لأن هدفهم هو تربية المجتمع من القاعدة حتى يفرز بدوره تلقائيا حكاما يعبرون عنه... لكن رعونة شبان النظام الخاص كانت قد تسببت بكشفه قبل أن يتحقق الهدف، وكان الثمن حياة المؤسس نفسه.
أخطاء يوليو
قام انقلاب يوليو وأصبحت الجماعة التي كانت بالأمس تتعوذ بالله من الانقلابات تفتخر بأنها من صنعه وحماه، وأن رجالها هم قوامه وظنت أن موعد قيام دولة الإسلام قد حان، وحان وقت الذهاب إلى قبر مؤسسها مخبرين إياه بأن دمه لن يذهب سدى.
كان كثير من قيادات الجماعة وأعضائها الذين كانوا يراهنون من قبل على التغيير القاعدي للأمة يراهنون الآن على انقلاب العسكر فقط، وهو الأمر الذي لم يكن يعتمد عليه الشيخ البنا منفردا، بل كان يعده جزءا من حملة تغيير شاملة، إلا أن هؤلاء القادة اعتبروا حينها أن الجماعة هي التي بذرت بذرة تنظيم الضباط في الجيش، متغاضين عن كونه أصبح يضم من الضباط غير الاسلاميين أكثر بكثير من الإسلاميين... لكن رجلا كان يعد طارئا على الجماعة لم يكن مستريحا لكل ما يحدث، وكان يرتاب في تصرفات العسكر، ولم يكن يرى أن ثمة خيرا قد يأتي من ورائهم، هذا الرجل كان مرشد الجماعة الثاني رجل القانون والقضاء حسن الهضيبي.
في حين قدمت الجماعة الغطاء الشعبي لانقلاب العسكر وهي تحسب أنه ثورتها كان العسكر يتخلصون من كافة القوى السياسية والحزبية على الساحة المصرية بموافقة الجماعة وتأييدها، باعتباره تخلصا من فساد العهد السابق، لكن المرشد الثاني كان قد أدرك بحاسته القانونية أنه يمكن أن تطبق عليه قاعدة الثور الأبيض، فنهض متأخرا يطالب العسكر بالرجوع إلى الثكنات وإرجاع الأحزاب وعودة الديمقراطية، لكنه كان قد أفاق بعد أن استفحل العسكر وقويت شوكتهم ثم بدأت سلسلت الأخطاء التي ارتكبتها الجماعة في التقاطر.
الإخوان والإسقاط البطيء للنظام
لم يكن الإخوان مستعدين بعد يوليو أن يلدغوا من جحر مرتين، وكانوا يدركون جيدا أخطاء الماضي وإن دسوا هذه الأخطاء في أجولة التاريخ حتى لا يستخدمها أحد في تشويه دعوتهم.
منذ أن انتهت عشر سنوات من العسل بين نظام مبارك والإخوان بقضية سلبيل عام 1992م وتبعها استراتيجية الضربات الجزئية للجماعة، وسياسة الترك والقمع لم يرض الإخوان أن يكونوا جزءا معينا للنظام المصري في بناء الدولة، بل وقفوا منه موقف الفرقاء، اللذان لا يكمل بعضهما الآخر.. فمنذ سنين والإخوان يفتتون أركان هذا النظام مستعينين بقواعد تنظيمهم في كافة أنحاء البلاد، وفوق أنهم لم يجعلوا من أنفسهم أداة لمساندته ومحاولة مشاركته في إحداث بناء وتنمية في الدولة أخذوا يضربون ما تبقى له من سمعة بين الناس، كما عملوا طاقة جهدهم في تشويه صورته وتسفيه إنجازاته يساعدهم في ذلك الشعب المصري ذو النفس المعارض للأنظمة، وكان هذا هو رد الفعل السلبي على الضربات الأمنية التي كانت توجه لخيرة أبنائها وعصب اقتصاد تنظيمهم.
وبلغت حالة الاحتقان الإخواني ذروتها بعد المحاكمات العسكرية الأخيرة التي أصدرت أحكاما قاسية على خيرة قيادات الجماعة، ثم كانت التعديلات الدستورية التي كرست للتوريث وتخلصت من الإشراف القضائي على الانتخابات.
ومع أن فرص الإخوان كانت ضعيفة في الحصول على المقاعد في انتخابات مجلس الشعب 2010 م إلا أنها استعدت جيدا لخوضها على الرغم من دعوات المقاطعة.
فالجماعة دخلت بمعادلة بسيطة مؤداها أننا إن لم نفز بمقاعد فسنفوز بفضيحة النظام، وبالفعل دخل الإخوان متسلحين بكاميرات في كثير من الدوائر المتوقع تزويرها، كما أعدوا قدراً كبيراً من مواقع اليوتيوب لتحميل مقاطع الفيديو التي تثبت التزوير وهذا ما حدث بالفعل.
شعر الناس أن المجتمع يتأخر بفعل نظامه، وأن شعوره بعد عام 2005 أنه يتقدم في خطى بطيئة نحو الإصلاح بدأ في التلاشي، فها هو التزوير الفج يعود من جديد، والبرلمان المصري يكتسحه الحزب الوطني بما لم يحدث من قبل بعد انسحاب الإخوان والمعارضة منه وتوجيه ضربه قاصمة للنظام.
الإخوان يدركون لحظة ثورة
كان في المشهد المقابل أحمد عز الوجه الكريه للمصريين، ورمز الظلم الاجتماعي وتزاوج المال بالسلطة يتحدث وكأنه انتصر في معركة لصالح الوطن، وبدا أنه يصدق نفسه في أن خاض معركة فعلا وهزم فيها منافسين، ثم تصاعد المشهد دراماتيكيا بسخرية مبارك من البرلمان الموازي وقوله (خليهم يتسلوا). جاءت ثورة تونس وشعر المصريون أنهم ليسوا أقل من "التوانسة" وهم الأسوأ حظا، وبدأت ظاهرة الانتحار حرقا.
دعت مجموعات ناشطة على الفيس بوك إلى النزول للشارع يوم 25 يناير، لكن الإخوان كالعادة أعلنوا أنهم سيشاركون ببعض الرموز ولن يمنعوا شبابهم من المشاركة، وهي اللحظة التي يعود فيها شبح المحنة في التراقص أمام أعين قادة الجماعة.. لكن يوم 25 لوحظ تواجد لشباب الإخوان وبعض رموزهم في ميدان التحرير، لكن الأهم هو تواجدهم المكثف في هذا اليوم في محافظات مصر، وهو الأمر الذي أعطى للاحتجاجات شكل الثورة.
عندما نجحت تظاهرات يوم 25 وقلبت بر مصر كله وظهر الشباب في المشهد كبطل وحيد، وتنحى الجميع عن الصورة بمن فيهم الإخوان شعر الاخوان لحظتها بخبرتهم التاريخية انها ربما حانت الفرصة للتغيير فالمظاهرات لن تحسب عليهم، ولن يبقى فقط إلا أن يشكلوا لها عصبا قويا ودرعا حاميا والأهم أنهم ليسوا وحدهم في الصورة بل الشعب جميعه وهو الشعور الذي يبعد الشبح قليلا عن أعين القادة.
وجاء يوم 28 فبراير يوم جمعة الغضب ليخرج التنظيم الإخواني داعما للتظاهرات في كافة المحافظات، وفي القاهرة كان أعضاء الجماعة بمثابة الوتد للتظاهرات، هذا الوتد الذي لم يستطع عناصر الأمن المركزي خلعه، كما شكلت الجماعة عصبا متفرعا ومنتشرا في جميع محافظات مصر كلها، وعندما سقط الجهاز الأمني ساهمت الجماعة لحد كبير في حفظ الأمن في بلدانها وتسيير شؤون التظاهرات في وقت واحد، واستطاعت الجماعة بتنظيمها أن تنظم أعضاءها وتوزعهم بشكل جيد على التظاهرات في مدنها وفي ميدان التحرير، فهناك من كان يذهب إلى عاصمة محافظته، والآخر إلى قلب الميدان التحرير، ثم يستبدل هذا الوضع، وهناك من يذهب إلى الراحة حتى جاء يوم الأربعاء الدامي وهو ما سمي بواقعة الجمل وهو اليوم الذي تلا مظاهرة مليونية ذهب الكثيرون صبيحة يومها للراحة أو للسفر إلى أقاليمهم، فجاءت هجمة "البلطجية" بالآلاف على الميدان فأرسلت قيادات الجماعة على الفور دعما للمتظاهرين تمثل في عشرات الآلاف من مختلف ضواحي القاهرة الكبرى والمحافظات القريبة منهم.. فـ5 آلاف فقط جاء بهم القيادي الإخواني محمد البلتاجي المسؤول عن الإخوان في ميدان التحرير من منطقة شبرا موطن دائرته الانتخابية وهم معروفون بقوة البأس في مثل هذه المواقف، وهنا انتصر التنظيم الإخواني القوي على تنظيم الحزب الوطني الأمني المهلهل وثبت المحتجون على ميدان التحرير مما شكل ضغطا كبيرا على عصب النظام، الذي لو كان قد نجح في زحرحة الثوار عن أرض الميدان لربما كان قد ذهب بثورتهم سدى.
أخطاء لن تتكرر
وعندما دعا عمر سليمان الجميع ومن بينهم الإخوان إلى الحوار ملوحا بأنها قد تكون الفرصة الأخيرة لهم، ارتبكت القيادات الرابضة بمكتب الروضة، واستحضرت التاريخ مرة أخرى فعبدالناصر كان قد دعا قيادات الجماعة للتفاهم لكنها انشقت لقسمين أحداهما موافق والآخر على رأسهم المرشد رافض ومتشكك في نوايا العسكر، لكن تنظيم الجماعة الآن أقوى من ذي قبل، ولم يعد عرضة للانشقاقات المؤثرة كما كان في يوليو.. قررت قيادات الروضة الذهاب للتفاوض، وهو ما أغضب القيادات الميدانية للجماعة الذين كان يقودهم محمد البلتاجي حتى بدا لقيادات الروضة أن هؤلاء الثوار في الميدان لربما ثاروا عليهم ورفضوا طاعة أوامرهم، وبعد أن كادوا يقعون في الفخ حاولوا تبرير التفاوض بأنهم لن يخسروا شيئا طالما ما زالوا مرابطين في أرض الميدان، ثم شعرت هذه القيادات أن سليمان ربما يخدعهم بعدما قام بتشكيل لجنة دستورية قاقزا على آرائهم، كما جاء هذا القرار مؤكدا على صدوره من شخص الرئيس مبارك بما يؤكد شرعيته، فطن الإخوان للعبة ورفضوا القرار معللين ذلك بأنه أتى من رئيس فاقد للشرعية، ولكن يبقى السؤال إذا كنت مؤمناً بأنه رئيس فاقد للشرعية، فلماذا ذهبت للتفاوض معه وتحت صورته الكبرى المعلقة على حائط غرقة اجتماعات رئاسة الوزراء... لكن الجماعة وللحق كانت قد أكدت للجميع أنها لن تخلي أرض الميدان بأي حال من الأحوال ولم تأمن مكر السلطات التي كان من الممكن أن تبطش بها عند أول تهدئة، وهي تستحضر في ذلك أيضا مظاهرات قصر عابدين التي كاد يطيح فيها متظاهرو الإخوان وغيرهم بجمال عبدالناصر وجميع مجلس قيادة الثورة لولا تدخل القيادي في الجماعة والقانوني العلامة عبدالقادر عودة الذي دعا المتظاهرين للانصراف وكان بعدها الانتقام منه ومن الجميع.
جزء من المجتمع
وفي حين كانت تهتف مظاهرات الإخوان ضد ثوار يوليو بالشعار التاريخي (إسلامية إسلامية لا شرقية ولا غربية) لم نر الإخوان في يناير يرفعون أيا من شعاراتهم، بل أخذوا يرددون ما تردده الجماهير الثائرة في بر مصر كلها، وفي حين حاول المرشد الثاني حسن الهضيبي أن يفرض رقابته على قيادات مجلس الثورة واعتبرهم قُصَّرا في إدارة البلاد لم يطالب إخوان يناير بشيء خاص بجماعتهم، بل طالبوا بما يطالب به الشعب فقط من حريات وإلغاء قانون الطوارئ وإنشاء دستور جديد أو تعديل القائم، والسماح بحرية إنشاء الأحزاب وحل البرلمان وغيرها من مطالب الثوار، وبررت ذلك بأنها لا تطلب شيئا شخصيا يبدو أنه انتهازي.
لكن الأهم خلال هذه الأحداث أن الجماعة نفت بشكل قاطع سعيها لمنصب الرئاسة ولا حتى الوزارة كما أعلنت أنها ستدخل الانتخابات التشريعية كما دخلت أول مرة بعدد لا يسمح لها بالأغلبية النيابية وبدأ أنها ترسل رسائلها للجميع بأنها ليست طامعة في سلطة وأنها تريد حياة سياسية نقية وسليمة.
Read More

الأحد، 23 يناير 2011

إخوان مصر: "تعرضنا لتهديدات بالبطش إذا نزلنا الشارع"

صلاح الدين حسن
في بيان شديد اللهجة، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين اليوم الأحد 23-1-2011 رفضها لما أسمته "تهديدات وإرهابا" تعرض له رؤساء مكاتبها الإدارية في مختلف محافظات مصر في حال نزولهم الشارع لإعلان مطالبات الجماعة العشر للنظام المصري، والتي نشرتها الجماعة على موقعها الرسمي منذ عدة أيام.
كما أعربت الجماعة في الوقت نفسه في بيانها الموقع من المرشد العام محمد بديع عن استعدادها للحوار مع السلطة وطالبتها بالتعامل مع الجماعة كملف "سياسي" وليس "أمني".

وحتى عصر الأحد، لم يصدر رد فعل رسمي من الداخلية المصرية على الاتهامات التي وردت في البيان.

ويأتي هذا البيان في وقت أعلنت فيه الجماعة أنها ستشارك ضمن أطر سياسية في مظاهرات يوم 25 يناير، حيث دعت حركة 6 أبريل (معارضة) -وانضمت إليها قوى سياسية- إلى سلسلة مظاهرات أمام وزارة الداخلية بمصر وفي الميادين الكبرى بمختلف المحافظات، تكون نواة لثورة شعبية على غرار ثورة تونس التي أطاحت بالرئيس التونسي الهارب "بن علي".

وجاء في البيان الذي وصلت «أون إسلام» نسخة منه: "إن الإخوان المسلمين وهم يتابعون ما يجرى على الساحة الدولية والإقليمية والداخلية وعلى إثر أحداث تونس، ورغبة في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره وعلى أرواح المواطنين وممتلكات الشعب ومكانة مصر، قد أصدروا بيانا واضحا بمتطلبات وطلبات الإصلاح الحقيقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكيفية تحقيق احترام حقوق الشعب ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين".

ووصف البيان استدعاء قيادات إخوانية لمقرات أجهزة أمن الدولة في محافظاتها عقب هذا البيان الذي يتضمن هذه المطالب بـ"رد فعل متعجل يخلو من الحكمة والكياسة وينبئ عن الإصرار على بقاء النظام في ذات الموقع الذي يدعم الاستبداد والفساد وإرهاب الدولة".

وشدد البيان على أن مسئولي جماعة الإخوان المسلمين بالمحافظات قد تعرضوا في مقرات أمن الدولة "لتهديد بالبطش والاعتقال والمواجهة العنيفة وربما الدامية في حالة النزول إلى الشارع لإعلان هذه المطالب الشعبية".

ملف سياسي

وبعد أن شدد البيان رفضه لهذه "التهديدات والإرهاب" أكد على أن "ملف الجماعة ملف سياسي ولا ينبغي أن يكون بيد الأمن".

وألمح البيان إلى استعداد الجماعة إلى التحاور مع "من يريد أن يتحاور مع الأمة"، في إشارة واضحة إلى استعدادها للتحاور مع النظام إذا أراد أن يتحاور مع الأمة كلها وأضاف: "نحن من نسيج الأمة وموجودون ومنتشرون ومتجذرون فيها".

ودعا البيان "لحوار وطني شامل لكل القوى والاتجاهات والأحزاب والحركات السياسية والممثلين لكل فئات الشعب"، وذلك "لبحث وسائل الإصلاح ومنهج التغيير لكي نخرج جميعا من الأزمة والمأزق الذي يعيش فيه الناس والوطن، فنحن على أتم استعداد لذلك".

وعاد البيان ليشدد على أنه "لا يتصور عاقل أن أسلوب التهديد والوعيد يمكن أن يخيفنا، لأننا نعمل لله من أجل تحقيق مصلحة الأمة، ومن يعمل لله لا يخيفه شيء، لأنه يخاف الله وحده (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)".

وأشار البيان إلى "أن الواجب على المسئولين الآن التعامل مع الاحتقان الشعبي النابع من الفساد والاستبداد بالحكمة المطلوبة وهي الاستجابة لمطالب الأمة والبدء في تطبيقها فورا، بدلا من إحالة كل الملفات الهامة في المجتمع إلى الجهات الأمنية التي لا تتعامل إلا بمنهج التهديد والوعيد والاعتقال والتعذيب والسجن بل والقتل، الأمر الذي لا يعالج قضية ولا يحقق عدلا ولا استقرارا، بل ويثير كل طوائف الشعب ويكرس كراهية الأمن والنظام في نفوس الجميع".

وفي ختام البيان الذي جاء مذيلا بإمضاء محمد بديع –مرشد الجماعة– أبدت الجماعة تحديها لما وصفته "التهديدات" قائلة: "لن نكون أبدا إلا وسط الشعب، نشاركه همومه وآماله ونعمل من أجل تحقيق حريته وكرامته، ونسعى معه في كل الأنشطة التي تقرب ساعة الحرية، وإن غدا لناظره قريب. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)".

المطالب العشرة

وتحت عنوان «انتفاضة تونس ومطالب الشعب المصري» نشرت جماعة الإخوان المسلمين الأسبوع الماضي عشر مطالبات، من بينها: "إلغاء حالة الطوارئ"، "حل مجلس الشعب المُزوَّر بإصدار قرارٍ جمهوري من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لتكوين مجلس جديد"، "إجراء تعديلات دستورية لازمة وسريعة للمواد 5، 76، 77، 88، 179 لضمان حرية الترشح وديمقراطية الاختيار في الانتخابات الرئاسية القادمة تحت الإشراف القضائي الكامل".

كما اشتملت المطالبات على: "العمل السريع والفعَّال على حلِّ مشكلات المواطنين الحرجة كبدايةٍ لمسيرة إصلاح اقتصادي حقيقي يحقق العدالة الاجتماعية"، "إعادة النظر في أسعار الأراضي التي تم تخصيصها لبعض رجال الأعمال"، "إعادة النظر وفورًا في السياسة الخارجية المصرية وخاصةً بالنسبة للصهاينة"، "الإفراج والعفو العام عن جميع المعتقلين السياسيين"، "الاستجابة الفورية للمطالب الفئوية التي أعلنها ويطالب بها أصحابها منذ سنوات طويلة".

كما طالب البيان بـ"حرية تكوين الأحزاب السياسية بمجرد الإخطار وإلغاء القيود على إصدار الصحف وعلى كل وسائل الإعلام"، "محاكمة المفسدين الذين تضخمت ثرواتهم بصورة غير طبيعية خلال السنوات الماضية"، "إلغاء تدخل الجهات الأمنية في كل الشئون الداخلية في الجامعات والمدارس والنقابات والأوقاف والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية".
Read More

السبت، 22 يناير 2011

العريان : إقصاء الإخوان سيقود إلى إنفجار شعبي

صلاح الدين حسن
القاهرة - أعلن د.عصام العريان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين السبت 22-1-2011 أن جماعته تقف "مع الحركة الوطنية المصرية إذا حدثت هبة شعبية" كالتي حدثت في تونس، مؤكدا أن الجماعة "لديها رغبة قاطعة أن يكون لديها حزب سياسي".
وفي مقابلة خاصة مع شبكة "أون إسلام"، اعتبر العريان أن الإخوان في مصر لديهم مرونة كحركة النهضة (إخوان تونس)، محذرا – في معرض أول تعليق للجماعة على سماح حكومة الوحدة التونسية مبدئيا بمنح الشرعية القانونية لكافة الحركات السياسية بما فيها حركة النهضة (إخوان تونس) - من أن سياسة اقصاء الإخوان من الحياة السياسية في مصر لا يمكن أن تستمر من جانب النظام وستؤدي إلى "انفجار شعبي".

وفي تعليق على قرار الحكومة التونسية، أكد المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين "أن جماعته مستعدة لأن تحذو حذو حزب النهضة التونسي (في العمل تحت إطار وضوابط الشرعية والمؤسسات الدستورية)، وذلك إذا تولد عند الحزب الحاكم في مصر رغبة حقيقية في إعطاء جماعته رخصة قانونية".

وأشار العريان "إلى أن أحد أهم خصائص جماعة الإخوان المسلمين هي المرونة والتعامل مع الواقع بحكمة دون التخلي عن القطعيات والثوابت الإسلامية".

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين في مصر لديها القدرة على القفز على إشكاليات تجاوزتها حركة النهضة في تونس بالفعل (كإشكالية العلاقة بين الدعوي والسياسي أو بالقبول في الاندماج الكامل مع النظام السياسي القائم في البلاد دون اصطدام بهذا النظام ودستوره) أجاب العريان بقوله: "نحن مستعدون لكل ذلك؛ فالنهضة في تونس تنطلق من نفس منطلقات مدرسة الإخوان المسلمين".

وبرر قفز حركة النهضة على هذه الإشكاليات منذ زمن بعيد بـ"اختلاف الحالة المصرية عن الحالة التونسية التي تعرضت فيها حركة النهضة إلى قمع شديد من قبل نظام زين العابدين بن علي اضطرتها إلى القفز على إشكاليات من هذا النوع الذي ذكرته".

"نقف مع هبة شعبية"

وأضاف العريان: "كما أن الطبيعة في مصر اختلفت فمصر تظل بلدا إسلاميا لم تنجح الحملة التغريبية فيه فظل شعبها متمسكا بثقافته الدينية ومحتفظا بطبيعته المحافظة عكس بلدان أخرى".

وأكد العريان أن "الظروف في مصر متشابهة مع النظام التونسي والاختلاف فقط في الدرجة والكمية -درجة القهر ودرجة تجفيف المنابع- فظروف مصر أقل حدة من التي كانت في تونس ونحن نعتبر أن الاستفادة الحقيقية التي حدثت في تونس يجب أن تكون لكل الحركات الإسلامية".

على صعيد متصل، أعلن العريان أن جماعته تقف "مع الحركة الوطنية المصرية إذا حدثت هبة شعبية" مؤكدا أن الجماعة "لديها رؤية واضحة ولديها عدة برامج لأحزاب سياسية ورغبة قاطعة أن يكون لديها حزب سياسي كما أن لديها رؤية لعلاقة الحزب السياسي بالحركة الدعوية والتربوية فإما أن يكون جناحا سياسيا لها وإما أن تتحول كاملا إذا كانت الظروف تسمح لأن تتحول الحركة إلى حزب سياسي يكون له دور كبير في المجتمع ودور كبير في رسم السياسات".

وشدد العريان على أن الاستفادة مما حدث بتونس "يجب أن تكون لكل الحركات الإسلامية في العالم العربي سواء في تقييم مشاركتها في الحياة السياسية المقيدة التي تكون أحزاب ليس لها قدرة على تنفيذ برامجها -وهذا موجود في الدول التي فيها أحزاب سياسية وتعددية مقيدة شكلية أو تجميلية- أو أن تكون مشاركة في إحداث التغيير بإمداد الجماهير وشعوبها بالطاقة الإيمانية للصمود في وجه الظلم والطغيان ورفع المطالب الحقيقية وربط المطالب الاقتصادية بالمطالب السياسية العليا وصبغ ذلك بالصبغة التي تحقق هوية الأمة وحضارتها".

وراى أن الاستفادة يمكن أن تكون أيضا "بالاستعداد لما بعد حدوث التغيير المنشود سواء للمراحل الانتقالية أو للمرحلة التي يكون فيها التغيير شاملا ويكون فيها حياة ديمقراطية تسمح بوصول الإسلاميين للسلطة في ظل دستور ديمقراطي أو حياة سياسية حقيقية".

وحول الرسالة التي توجهها جماعة الإخوان للنظام في هذا الشأن يقول العريان: "نحن لا نوجه رسائل.. نحن رفعنا مطالبنا، لكننا نقول للنظام «العاقل من اتعظ بغيره»، وأنه لا يمكن أن تستمر السياسة الإقصائية للإخوان وللمعارضة من الحياة السياسية ومن البرلمان لأن استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى انفجارات شعبية أصبحت ماثلة أمام العيان بعد أن كانت يستبعدها الناس".
Read More

الاثنين، 17 يناير 2011

العريان : الإخوان لا يشعرون بالحاجة للشرعية وتجارب الاخوان الحزبية فشلت

صلاح الدين حسن
أكد الدكتور عصام العريان -عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين- في حواره مع " إسلام أون لاين " أن جماعته لا تشعر بالحاجة إلى الشرعية القانونية، معترفا بأن فقدان تلك الشرعية خلق حواجز نفسية بين الجماعة والجمهور؛ تحاول الجماعة التغلب عليها، كما تشعر الجماعة بأن الفرد الإخواني محاصر ومطارد؛ مما يقلل من نشاطه.
وأشار العريان إلى أن الإخوان لن تتقدم بطلب الاعتراف بها كحزب سياسي إلا إذا اتضح الأفق السياسي، كاشفا خضوع التجارب الحزبية للإخوان في المنطقة العربية للمراجعة بعد اكتشاف أنها تسير في أفق سياسي مسدود.
وأوضح العريان أن الإخوان تفضل أن تبقى جماعة شاملة؛ لأن هذا هو سر بقائها وقوتها، بدلاً من أن تتحول إلى حزب سياسي لا يقوم بدوره الحقيقي المناط به، مشيرا إلى أن الجماعة الشاملة هي الأقرب والأنضج والأفضل لمجتمعات لم تتبلور فيها بعد قواعد سياسية واضحة.
البحث عن الشرعية
* هل تشعرون في جماعة الإخوان المسلمين بالحاجة للحصول على الشرعية القانونية؟
أعتقد أن الجماعة في كل مراحل تاريخها كانت حريصة على الشرعية القانونية والغطاء القانوني، وهي حتى هذه اللحظة التي نعيشها تجادل في ساحات القضاء حول أن شرعيتها القانونية لم تفتقدها، وأنه لا يوجد قرار بحل الإخوان ولا قرار يحظر نشاطهم، وما يجري هو إجراء سياسي قمعي يريد أن يضع الإخوان تحت الحصار والمطاردة المستمرة، وسأسوق لك موقفا يؤكد لك صحة ما أقول، ففي قضية التنظيم الدولي الأخيرة المتهم فيها الدكتور أسامة سليمان وصفت النيابة في مرافعتها الإخوان بـ "المحظورة" فقام القاضي بسؤال وكيل النيابة قائلا: هل لديك دليل على هذا؟ فتلعثم وكيل النيابة، وطالبه القاضي بتقديم ما يفيد ذلك من الناحية القانونية.
وفي اعتقادي أن الشرعية القانونية للإخوان تقتضي أن يكف النظام عن وصفها بالمحظورة، ولكن هنا سنواجه سؤالاً: ما هو الشكل الذي ستكون عليه الجماعة؟ وهل ستعود الإخوان كهيئة سياسية عامة كما كانت من قبل، ولا تخضع لقانون الجمعيات بل تتم معاملتها معاملة خاصة؟
أنا أعتقد أن هذه النقطة يجب أن تكون محل حوار بين النظام والجماعة؛ لأن الجماعة رفضت قبل ذلك أن تتحول لجمعية تخضع لقانون الجمعيات في مصر، فعندما أصر الرئيس السادات على أن تخضع الجماعة لقانون الجمعيات -الذي يحظر عليها النشاط في المجال السياسي، ويتعارض مع مفهوم الإسلام الشامل الذي يحمله الإخوان- اعترض الأستاذ عمر التلمساني -رحمه الله- ورفض أن يتم تقييد وتحديد نشاط الإخوان في عمل خيري أو تثقيفي فقط.
هذه إشكالية تحتاج إلى حوار بين الإخوان والدولة لضبط المشروعية القانونية، أما إذا كنت تقصد الرغبة في الحصول على حزب يمارس العمل السياسي فهذا شيء مستقر لدى الإخوان ورغبة لديهم في المجال السياسي؛ لكنه اصطدم برفض صريح وقاطع من الرئيس مبارك نفسه الذي قال في تصريح نادر: "لو منح الدستور الحق للإخوان في تنظيم حزبي فأنا لن أوافق على ذلك"، وبالتالي جرت تعديلات دستورية مشوهة لمنع وجود أي حزب أو أي نشاط على مرجعية إسلامية أو دينية.
* لكن ألا توجد لدى الإخوان الآن حاجة نفسية للحصول على الشرعية القانونية بعد انسداد الأفق السياسي في وجههم؛ الأمر الذي بدا واضحا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة؟
لا يوجد لدينا شعور بذلك، فالشرعية الواقعية أقوى بكثير من الشرعية القانونية، نحن عندما نقارن الإخوان -وهي في الوصف الرسمي "محظورة" ولا تحظى بمظلة قانونية- مع غيرها من الأحزاب التي لديها رخصة قانونية، نجد أن الإخوان أقوى وأكثر انتشاراً وأقوى تأثيراً، بل على العكس فالذين حظوا بمظلة قانونية أيضا كان لديهم شعور بأنهم حققوا إنجازاً ما، ولم يكن ليتمكنوا من الانطلاق في العمل، بل تم تقييد نشاطهم بطريقة أو بأخرى، أو تهديدهم بسحب هذه الرخصة القانونية.
وإذا نظرت مرة أخرى لمسألة الحماية التي يمكن أن تضفيها الشرعية القانونية أو المظلة القانونية على أفراد الإخوان أو ممتلكاتهم سنجدها حماية وهمية، لأنه يمكن أن تسحب هذه المظلة في لحظة واحدة بقرار حكومي في ظل نظام لا يحترم القانون ولا القضاء.
* لكن حجب الشرعية عن الجماعة يضعفها داخليا أيضا.. أليس كذلك؟
آثار حجب الشرعية تتمثل في وجود حاجز بين الإخوان كهيئة وبين جمهور الشعب؛ لأن هذا الحاجز يفترض أن يزول عندما يكون هناك مقرات معلنة وأنشطة واضحة يشارك فيها المجتمع، وبالتالي لا يكون هناك مشكلة لدى الفرد العادي في التعرف على الإخوان، هذا هو الأمر الأساسي الذي تؤدي إليه هذه المسألة، كما أن هناك شعوراً نفسياً لدى كثير من الإخوان بأنهم محاصرون ومطاردون، وهذا الشعور قد يقلل نشاطهم وحجم انطلاقهم في المجتمع، لذلك يحرص الإخوان عن البحث عن مظلات قانونية تزيل هذا الحاجز النفسي داخل الفرد الإخواني أو بينه وبين الجمهور، فانطلقوا في اتحادات الطلاب والنقابات المهنية ومجلس الشعب، وأسسوا العديد من الجمعيات في أنشطة متنوعة من أجل كسر هذا الحاجز.
المكون الفكري والثقافي
* ألا تؤثر حالة الحصار والتهديد الدائم على المكون الفكري والثقافي لدى الفرد الإخواني؟
أعتقد أن الجانب الفكري والثقافي والتنظيري مرتبط أكثر بالمناخ العام في المجتمع؛ لأن هذا الجانب يمكن أن يتم بواسطة أفراد شريطة أن يكون المناخ العام يتيح مثل هذه الحرية الفكرية والعلمية، ويجب أن نلاحظ هنا أن المناخ العام والبحث العلمي في الجامعات المصرية وهي معاقل البحث، بل وفي الأزهر الشريف نفسه تعاني دماراً شديداً في الـ30 سنة الأخيرة.
* البعض يرى أن هناك قيادات في جماعتكم لا ترغب في الحصول على الشرعية، لأن ذلك قد يكلفها التنازل عن امتياز الجماعة الشاملة، أو يعرضها للمراقبة الحكومية والاختراقات الأمنية إلى آخره، ومن ثم فإن كل مساعيكم للحصول على الشرعية القانونية هي التصريحات لوسائل الإعلام بالرغبة في ذلك دون إجراءات عملية وواقعية؟
هذا كلام غير صحيح ويفتقد للدقة وللموضوعية، وأنا أعتقد أن الكل حريص على الشرعية القانونية التي تتيح للإخوان النشاط كهيئة إسلامية عامة، فإذا كان الغرض هو تقييد حركة الإخوان أو حصرها في المجال السياسي فقط، أو في مجال خدمي فقط دون المفهوم الشامل للإسلام؛ فأنا أعتقد أن هذا لا يوافق عليه كل الإخوان وليس القيادات فقط.
* هل يمكن أن يكون هناك مبادرات تتضمن طروحات لحلول إشكالية النظام والجماعة؟
هذه الإشكالية بين النظام والجماعة لها طرفان، طرف النظام وطرف الجماعة، والجماعة قدمت مبادرات كثيرة جدا عمليا وليس نظريا، ولكن النظام لم يعد في مواجهة مع الجماعة فقط؛ بل أصبح في مواجهة مع كل القوى السياسية الفاعلة، وحتى الأحزاب الرسمية وعموم المجتمع المصري، نحن نعيش أزمة نظام تتآكل شرعيته المجتمعية.
* لماذا لا تكون هناك مبادرات مجتمعية يفتح فيها الباب لحوار جاد لحل أزمة الجماعة مع النظام، وليس فقط الاكتفاء بالتصريحات الإعلامية بالرغبة في ذلك؟
ليست تصريحات فقط.. أعتقد أن الإخوان -وقد عاصرت هذا على مدار 20 سنة مضت- قدموا مبادرات كثيرة جدا للنظام، مقابل أن يكون هناك حرية دعوة وحرية حركة، والنظام رفض ذلك تماما؛ لأنه يلعب على فكرة التوازنات، فشجع جماعات العنف في الثمانينيات على حساب الإخوان، فكان الحصاد المر الذي وقع في مصر، كما شجع جهات أخرى متشددة في الفكر والرؤية ومتزمتة في السلوك والتطبيق، وكان أيضا هذا على حساب المجتمع، وبدأنا نجني الحصاد المر.
النظام له رؤية مختلفة تماماً في إدارة الصراع مع المجتمع عبر توازنات يخلقها هو، ولا يريد من أحد أن يتدخل فيها، ونحن نفهم عقلية النظام المصري المستبد؛ لذلك نحن نتحرك بحكمة وحذر وحرص، لا نسعى لاستفزاز النظام ولا نسعى لرضاه أيضا، لكننا نمارس دورنا في هدوء وروية، ونتحرك في إطار الدستور والقانون.
الجماعة الشاملة
* يرى البعض أن على الجماعة أولا أن تحل إشكاليتها الفكرية والتنظيمية قبل أن تطالب النظام بالاعتراف بها ومنحها حقها في الوجود والحركة، مثل حل إشكالية الجماعة والحزب أو الدعوي والحزبي؟
هذه إشكاليات خلقها الباحثون؛ ولا يشعر الإخوان أن لديهم أدنى مشكلة بين الدعوي والسياسي، الإخوان يمارسون نشاطهم الدعوي في إطار ما يسمح لهم به وفق الدستور والقانون، ويمارسون نشاطهم السياسي في إطار ما يسمح به الدستور والقانون، وكلما ازدادت مساحة الحريات ازداد نشاط الإخوان في كل المجالات .
* لكن هذه الإشكالية تنعكس على علاقة الجماعة بالنظام، ولا تقتصر أبعادها على الداخل الإخواني فقط؟
أقول بكل ثقة ووضوح: الفرد الإخواني يمارس دوره الدعوي والسياسي دون أية إشكالية، مثله مثل أي مواطن مصري يمارس دوره الدعوي والسياسي دون أي حرج، أنا أذهب للمسجد لأخطب، وفي الوقت ذاته أعود لأكتب مقالة في الشأن السياسي، أو أكون عضوا في مجلس الشعب وغيري موجود بهذه الصورة ولا يوجد عليه أي حرج.
* لكن هذه الإشكالية تمنعكم من الاندماج في النظام السياسي القائم على علمانية الأحزاب السياسية؟
هذه الإشكالية لم تكن موجودة في وقت من الأوقات، وكانت الجماعة تمارس دورا سياسيا طوال تاريخها، المشكلة في المناخ العام الذي يحاول أن يمنع الجميع وليس الإخوان فقط، فما هي المشكلة عند حزب الوفد وهو حزب مدني وله مرجعية علمانية عندما يمارس التضييق عليه ويحرم من حقه من التمثيل السياسي الحقيقي!!؟ وما المشكلة مع حزب الوسط الذي قرر أن لا يكون له صلة بالدعوة، وأنه سيمارس السياسة فقط؟ الإشكاليات الحقيقية هي إشكالات داخل النظام السياسي نفسه، وإذا وجدت قواعد في العمل السياسي واضحة فسيكون أول من يتجه لها هم الإخوان المسلمون.
* هل قيادات الجماعة على يقين أن جميع مساعيها للحصول على الشرعية ستقابل بالرفض البات، أم أن هناك من يرى إمكانية استجابة قيادات في النظام، يمكن أن تحلحل الوضع القائم؟
تجربة حزب الوسط تدل يقيناً على أن النظام السياسي لن يسمح بحزب جديد حتى لمن كان له سابق صلة بالإخوان وانفصل عنهم، وهناك دليل في حزب آخر لا صلة له بالإخوان مثل حزب الكرامة أو أحزاب مثل الغد والعمل.. نحن أمام نظام متصلب ومتسلط.
انسداد الأفق
* هل يمكن أن تتقدم الجماعة ببرنامج حزبها إلى لجنة شؤون الأحزاب كبادرة حسن نية تبرهن على رغبة الجماعة في توفيق أوضاعها؟
العمل السياسي لا يقوم على مبادرات حسن النية، العمل السياسي يحتاج إلى قواعد واضحة، فعندما نتقدم إلى لجنة أحزاب نعلم أنها لن تقبل طلبنا فنحن حينذاك نمارس ما يعرف بالعبث، حتى لو قلنا في برنامج هذا الحزب أحسن الكلام.
أنا أستغرب جدا من الذين يتحدثون عن مبادرة حسن النية!، ليس هناك في هذا المناخ مجال لمبادرات حسن النية، أو لسد الذرائع، فيجب عندما نتقدم أن نكون معتمدين على واقع وليس مجرد وهم، وأن نكون واثقين من أن هذه التجربة يمكن أن تؤدي إلى قيام حزب حقيقي، وهذا ما حدث في الأردن واليمن والجزائر، فعندما بدا للإخوان هناك أفق واضح تقدموا للحصول على حزب.
وحتى هذه التجارب محل مراجعة اليوم من الجميع، لأنه ثبت في النهاية أنها تجارب في محيط أفق سياسي مسدود، أفق لا يسمح لهذه الأحزاب بالنمو نموا طبيعيا، ولا أن تمارس حياة طبيعية.
ويكفي أن نرى الآن في تجربتين مهمتين مثل الأردن واليمن أن حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن قرر مقاطعة الانتخابات، وهي أهم وظائف الحزب السياسي، وفي اليمن يهدد حزب التجمع في إطار اللقاء المشترك بمقاطعة الانتخابات أيضاً، وهذا يؤدي إلى أن هذه التجربة انتهت إلى لا شيء، وهذه هي المشكلة في الحياة السياسية العربية، وليست في مصر فقط.
السياسة تعني وفق القواعد المعترف بها إمكانية تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع بطريقة سلمية، وإذا لم يكن هذا الأفق ممكنا الوصول إليه في تطور طبيعي ستحدث انتكاسات تؤدي إلى إنهائه.
* هل ترى أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ينافي فكرة الحزبية؟.. وهل الحياة السياسية في مصر قادرة على تحمل فكرة الجماعة الشاملة؟
الحياة المجتمعية في مصر قادرة على تحمل فكرة الجماعة الشاملة، والباحثون الاجتماعيون يقولون إن سر بقاء جماعة الإخوان ونجاحها وقوتها هو الجماعة الشاملة، وأن فكرة الجماعة الشاملة قد تكون أقرب إلى التفكير الأنضج والاختيار الأفضل لمجتمعات لم تبلور بعد قواعد سياسية واضحة يمكن البناء عليها.
أنا أعتقد أن أهم ما تحمله فكرة الجماعة الشاملة هو حسم الهوية العامة للمجتمع والدولة، لأنه بعد ذلك يمكن رسم قواعد واضحة للأنشطة المختلفة في المجال السياسي والاقتصادي وفي كل المجالات، أما الحياة السياسية فيجب أن يعاد التعمق فيها، خاصة بعد أن يعلن شخص بحجم محمد حسنين هيكل موت السياسة، ففي المنطقة العربية لم يعد هناك أفق سياسي وحتى السياسة في بلاد تريد أن تبعث السياسة من جديد وجدت صعوبة شديدة في ظل الخواء الذي تعانيه الأمة العربية.
بين نارين
* ما رأيكم فيما يردده البعض من أن عدم تقديم هذا البرنامج للجنة شؤون الأحزاب يستفز النظام؟
النظام بين نارين، فهو يرغب في وضع الإخوان في القفص ليكونوا كبقية الأحزاب الأخرى، ولكنه يعلم أن الإخوان حريصون على أن يكون لهم حزب حقيقي وفاعل، وبالتالي سيكون غير قادر على تحجيمهم في القفص الذي وضع فيه الأحزاب الأخرى، وبالتالي فهو يمتنع عن مجرد التفكير بإمكانية إعطائهم الرخصة، ولاحظ أن معظم الأحزاب التي سمح لها في مصر كانت دائما في توافق مع النظام، وليس وفق إجراءات قانونية، حتى من أتى عن طريق محكمة الأحزاب؛ لأن هذه المحكمة في يد النظام.
* هل ترى في تصريحات قيادات الجماعة بشأن البرلمان الموازي محاولة لامتصاص غضب النظام، والإشارة بأن الجماعة حريصة على الشرعية الدستورية؟ وهل يمكن ربط ذلك بفكرة سعي الجماعة للحصول على الشرعية القانونية؟
لا إطلاقاً... نحن نسير مع القوى الوطنية في إطار عمل مشترك، ونحن عندما قلنا إننا نرفض اسم البرلمان الموازي فلم نكن نعترض على المسمى، وبالتالي سميناه مع آخرين البرلمان الشعبي، ودعونا أن يكون هذا الاسم هو الاسم المتوافق عليه لدى الجميع، ونجحنا في ذلك؛ لكن المضمون نفسه نحن معه أن يكون هناك وعاء وطني يجمع كل القوى الوطنية من أجل دراسة ما يطرح من مشروعات قوانين أو سياسات عامة.
النزول للشارع
* هل هناك بالفعل "تفعيل لهيكل الجماعة القائم" وإجراءات لتعديلات في النقاط التي أثارت جدلا في اللائحة؟ وما آلية تنفيذ ذلك؟
بالتأكيد هذا شيء طبيعي موجود في اللوائح والمناهج وفي كل ما يخص الإخوان، وهذا شأن داخلي لا يتوقف، فالإخوان جماعة حية، جماعة تنمو وحياتها سر قوتها، قد يكون تطورها بطيئاً، وقد لا يرضي بعض الإخوان كما لا يرضي بعض المراقبين الخارجيين، لكن هذا لا يعني توقف التطور والنمو.
· هل هناك محاولات لتفعيل دور مجلس شورى الجماعة في مواجهة مكتب الإرشاد؟
هناك إجراءات الآن لتفعيل دور مجلس الشورى، ومجلس الشورى هو الذي اتخذ أهم القرارات الأخيرة، سواء مقاطعة الجولة الثانية، أو المشاركة في الانتخابات، أو الانتخابات الداخلية في الجماعة، لكن المشكل الحقيقي هو أن مجلس الشورى لا يستطيع أن يجتمع مكتملاً، وبالتالي حواراته تكون حوارات مناطقية وليست حوارات شاملة لكل أعضائه وهذا عائق خطير.
* هل يمكن أن يكون هناك قناة للحوار مع ما يطلق عليه إعلامياً جبهة المعارضة، والتفاهم مع ما يطرحونه من مطالب؟ أم أن هذا مشروط بأن يتم الحوار داخل البيت الإخواني وبعيدا عن وسائل الإعلام؟
لا لا.. أي شيء يحدث في الإخوان لا يجب أن يكون حوارات إعلامية، بل يجب أن تكون حوارات داخلية لكن عبر الإعلام، لا توجد هيئة محترمة في العالم تسمح أن تكون حوارات تخص شؤونها الداخلية عبر الإعلام.
* وما رأيكم فيما طرحه الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح من فكرة فصل الدعوي عن الحزبي، وفي ترك الجماعة الانتخابات لعدة سنوات؟
هي فكرة مقدرة لكن المشكلة أنها قد تناسب بلاداً ونظماً تفهم هذا الطرح وتتجاوب معه، ولكن نظاماً مثل النظام المصري يفهم هذا فهماً خاطئاً ولن يتجاوب معه. سيفهم أن الجماعة انسحبت وانهزمت تماما، والمعيار الذي أخذت به الجماعة هو أن الأفيد لها هو المشاركة وليس الخروج من الساحة السياسية؛ بغض النظر عن تصرفات النظام.
Read More

السبت، 15 يناير 2011

تفجيرات القديسين ... هل يفعلها السلفيون ؟

صلاح الدين حسن
ما إن وقع الانفجار المدو أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية حتى برز السؤال العريض .. من تراه قد فعلها؟ وبينما ذهبت غالبية التوقعات في اتجاه القاعدة بناء على سياق ما قبل التفجير، فإن عيون مراقبين كانت قد التفتت متشككة ومرتابة منذ اللحظات الأولى في اتجاه التيارات السلفية المصرية ليس لأن هذه التيارات تتخذ من العنف منهجا، بل لأنها ليست عصية على الاختراقات المنهجية والتنظيمية.

وبعد التفجيرات بأيام قليلة، دعمت الأجهزة الأمنية المصرية تلك الشكوك بعد قيامها بحملة اعتقالات شملت معظم التيارات السلفية، إلا أن حملتها تركزت بشكل كبير على أعضاء بجمعية أنصار السنة المحمدية المشهرة وفق قانون الجمعيات والخاضعة للرقابة الأمنية الصارمة على عكس توقعات المراقبين الذين توقعوا أن تتركز هذه الحملة في صفوف الجماعة السلفية السكندرية ربما كون الحادث قد وقع في قلب معقلها – الإسكندرية – وربما لأن رموزها وشبابها كانا الأكثر نشاطا في حملة التصعيد ضد القيادات الكنسية بعد أزمتي كاميليا شحاته ووفاء قسطنطين (اللتين تردد إسلامهما وأعادتهما السلطات للكنيسة ما أثار موجة غضب شعبية إسلامية) كما أن هذه الجماعة تمتلك منهجا يعد الأكثر تشددا من وجهة نظر السلطات الأمنية المصرية على الأقل.

1 - الجماعة السكندرية والاختراقات

عندما سأل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة - أيمن الظواهري - عن موقفه من سلفيي الاسكندرية ومشايخهم ياسر برهامي وسعيد عبدالعظيم ومحمد إسماعيل وهل الخلاف معهم من الخلاف السائغ؟ أجاب الظواهري في شريط صوتي محمل على موقع اليوتيوب: "موقفنا من الدعوة السلفية ومن أعلامها الصادقين هو الحب والتقدير والاحترام".

ثم استطرد الظواهري على الفور بجملة ذات دلالة واضحة: "ونحن اشتقنا لهم واشتاقت لهم ميادين الجهاد يعلمون إخوانهم ويقودون سراياهم ويدكون حصون أعداءهم ويرفعون لواء الجهاد الذي صار عينيا في داخل بلادهم وخارجها".

فشعرة دقيقة، ولكنها حادة، هي التي تفصل منهج الجماعة السلفية السكندرية عن منهج سلفية القاعدة، فالسكندريون كما الجهاديون يؤمنون بعقيدة الحاكمية التي هي من أخص خصائص توحيد الألوهية، وبعدم إسلامية الدولة المصرية القائمة ويؤمنون بكفر حاكمها كفرا حكميا لا عينيا، طالما أنه لايطبق شرع الله وبكفرية المجالس التشريعية كما يؤمنون بالعمل الجماعي التنظيمي وبسرية الدعوة إذا كانت هناك حاجة تدعو إلى ذلك، وبوجوب البيعة لأمير مطاع كنتيجة طبيعية لعدم اعترافهم بأمير مسلم.

ومع ذلك ترفض هذه الجماعة إعلان الجهاد وإقامة الدولة الإسلامية دون المرور بمراحل الجهاد المختلفة وأولها الدعوة إلى الله وإقامة الحجة كما أنها لا تؤمن بجاهلية المجتمعات وتتبنى استراتيجبة التغيير القاعدي وعدم الاصطدام بالحكومات، ومن ثم فإن البيان الأول من نوعه التي أصدرته الجماعة السكندرية مزيلا بتوقيع ( الدعوة السلفية ) وتدين فيه حادث القديسين كان معبرا بصدق عن موقف قادتهم ومنهج جماعتهم .

ويبدو أن تمتع هذه الجماعة بوحدتي القيادة والمنهج قد عصمها من انزلاق أعضائها في صفوف وتشكيلات تنظيمات وخلايا جهادية، فلا يكاد المراقب للخطاب السلفي السكندري أن يعثر على ثمة خلاف بين قادة هذه الجماعة رغم أنها تتقاطع مع الحياة اليومية والحياتية ولاتكاد تترك قضية إشكالية أو حتى غير إشكالية إلا أبدت رأيها فيها كما أنها تنشغل بالسياسة ويعتكف رموزها على بلورة رؤى سياسية ومجتمعية تجتهد في تمريرها على معايير مصادر التشريع الإسلامي.

كما أن خصائص التنظيم التي مازالت تتمتع به تلك الجماعة جعلها أكثر تحصينا في وجه الاختراقات وقدرة على فرز المنتمين إليها، وكان هؤلاء السلفيون قد حاولوا أن يؤسسوا تنظيما علنيا خارج إطار الدولة الرسمي لكنهم علموا أن النظام لن يسمح فأنشأوا تنظيما سريا كاملا له فروع ومسئولون وذو آلية ونظاما صارما لكن عندما شرع في التوسع فككته الأجهزة الأمنية تحت ضغط الاعتقال ...فظلوا هكذا "شبه تنظيم، شبه تيار، شبه علني، شبه سري!".

2 - أنصار السنة والاختراقات

تعد هذه الجماعة (جمعية أنصار السنة) أكبر تنظيم سلفي عرضه للإختراق المنهجي والتنظمي، فمع أن خطاب الجماعة الرسمي يغرق كثيراً في تفاصيل العقيدة ويعطي اهتماماً لمحاربة البدع، ولا يتطرق كثيراً لقضايا اشكالية في البيئة المصرية مثل قضية الحاكمية كما يبتعد هذا الخطاب تماماً عن السياسة، إلا أن المنهج الكلي للجماعة والذي يقر العمل الجماعي المنظم – بضوابط – والذي تحدث عن وجوب إقامة شرع الله بل الحكم بالكفر على من لا يطبقه جعل من هذه الجماعة إطاراً فضفاضاً سمح بمساحة من العمل تحت لافتتها لجميع التيارات السلفية في مصر تقريباً - من علميين وحركيين ومداخلة - وإن بقيت السيطرة على مفاصل الجماعة للتيار المدخلي المصري، بحكم تماهيه مع الأجهزة الأمنية التي تفرض رقابة صارمة على الجماعة وتتدخل في كثير من تفاصيل حركتها.

وآلية العمل الجماعي عند أنصار السنة يشبه عمل الجمعيات الخيرية الأخرى، فلها مركز عام وجمعية عمومية تنتخب رئيس ومجلس إدارة وهيئة تنفيذية فلا يلزم أن يكون الشخص عضو في جمعية أنصار السنة المحمدية إلا أن يقوم غالبا بإطلاق لحيته ثم يقوم بملأ استمارة عضوية ويستخرج له على إثر ذلك "كارنيه" (بطاقة هوية خاصة) يثبت أنه عضو في هذه الجمعية، ومن ثم فإن التيارات السلفية جميعها قد تداخلت في شبه اختراق لهذه الجمعية، فلابأس من أن تجد التيارات السلفية المتناقضة تعمل في هذه الجماعة من حركيين يكفرون الحاكم ومداخلة يرفضون حتى إبداء النصيحة له في العلن.

ولعل هذا ما يفسر تركيز الحملة الامنية الاخيرة ضرباتها في صفوف المنتمين لهذه الجمعية، رغم أنها مشهرة حسب قانون الجمعيات وتخضع لإشراف وزارة التضامن ورقابة الاجهزة الامنية، إلا أن أعضاء الجمعية لا توحدهم منهجية ولا قيادة واحدة كما هو حال الجماعة السلفية السكندرية، بل تتنازعهم المناهج السلفية ويتفرقون على شيوخها ورموزها في داخل مصر وخارجها.

يؤكد ذلك ويدعمه الصراع الداخلي الذي نشب مؤخراً بين أجنحة الجمعية على إثر صدور كتاب للشيخ عادل السيد بعنوان( الحاكمية والسياسة الشرعية عند علماء أنصار السنة)، اتهم فيه "السلفية السياسية" و"السلفية الجهادية" باختراق المنهج العقائدي لأنصار السنة مستغلين الظرف السياسي المحلي والدولي الذي تمر به البلاد لتشوية سمعة السلفية الحقيقية من خلال تداخل السياسي بالعقائدي بين المنتمين لجماعة أنصار السنة. لقد حاول الشيخ أن ينتزع الاعتراف الرسمي من الجماعة بكتابة واقراره كوثيقة عامة للجماعة، لكنه لم يستطع واحتدم الجدل داخل مجلس ادارة الجماعة نفسه حول الكتاب حتى صدر بيان عن أنصار السنة تبرأت فيه من الكتاب رغم أن الشيخ ختم غلافه بشعار الجماعة واسمها.

وبغض النظر عما قاله الشيخ عادل السيد، إلا أن المتأمل في منهج جماعة أنصار السنة قد لا يتفق مع ما قاله الشيخ وقد ينتهي الى نتيجة أن المنهج الفضفاض للجماعة يسمح بعمل التيارات السلفية وحتى الجهادية ضمن إطارها.

3- السلفية الحركية والجهاد

إذا استبعدنا التيار السلفي المدخلي والمستقل لولاء الأول للدولة والثاني لانسحابه من الحياة العامة واقتصاره على أمور العقيدة ومحاربة البدع، فلن يبقى إلا السلفيون الحركيون الأكثر انتشارا في أحياء القاهرة الفقيرة في شبرا وإمبابة، والأكبر عرضه للإختراقات. ولهم رموز معتبرة في الساحة السلفية المصرية أمثال الشيخ فوزي السعيد ونشأت إبراهيم ومحمد عبدالمقصود، وهؤلاء تحت المراقبة الأمنية الدائمة، كما أنهم لايخفون مباركاتهم لما قامت به القاعدة من تفجيرات في 11 سبتمبر.

فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قام رموز تيار السلفية الحركية بالتبرير في أكثر من محاضرة لهم بالهجوم الذي قامت به القاعدة وامتدح بعضهم أسامة بن لادن ووصفوا الولايات المتحدة الامريكية بالطاغوت الأكبر وأفتوا بأن جهادها كجهاد اسرائيل، وبعدها تعرض هذا التيار بعدها لحصار أمني شديد وتم إعتقال الشيخين نشأت ابراهيم وفوزي السعيد، وقدما مع مجموعة من الشباب السلفيين للقاضاء بتهمة تشكيلهم لتنظيم أطلق عليه ( الوعد )، لكن هناك من يرى أن دور الشيخين لم يتعد الإفتاء لعدد من هؤلاء الشباب بجواز جمع التبرعات وتهريبها للفلسطيين، كما أفتوا بجواز الانتقال للأراضي المحتلة للمشاركة في المقاومة المسلحة هناك وعلى إثر ذلك قام هؤلاء الشباب بجمع عدة تبرعات وهربوها لغزة كما حاولوا التدرب على السلاح بهدف الانتقال لغزة للمشاركة في القتال.

ومع أن الشيخين قد أفرج عنهما بعد عدة سنوات من الاعتقال إلا أن رموز هذا التيار ممنوعون من التعبير عن آرائهم في أي مكان سواء في المساجد أو في الصحف أو الفضائيات .

ومع أن هذه السلفية الحركية ترفض تكوين جماعة خاصة بهم كي لا تزيد افتراق الأمة، لكنها تشجع اتباعها على التعاون مع جميع الجماعات العاملة في الساحة فيما اتفقوا عليه وتعتزلهم فيما تفرقوا فيه وفرقوا الأمة بسببه، ولذلك فلا يرفض هؤلاء السلفيون العمل مع أي جماعة أو تنظيم أراد يقيم دولة الإسلام أو أن يعيد دولة الخلافة ومن هنا تأتي إمكانية إختراقه.

أضف إلى ذلك أن هؤلاء السلفيين لا يكتفون بتكفير الحاكم حكماً فقط ولكن يذهبون إلى تكفيره عينيا إذا لم يحكم بما أنزل الله ويجهرون بذلك في خطابهم الدعوي كما يعتقدون أن مظاهر المجتمعات الاسلامية الآن من تبرج وسفور ومعاصي كلها من أمر الجاهلية لكن لا يكفر بها وأي انحراف عن الشريعة بزيادة أو نقصان فهو أمر الكفر، وماخالف الاسلام فهو جاهلية في الكبيرة والصغيرة وأن الكفر المراد في الآية الكريمة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكفرون ) يقصد به الكفر الأكبر لا الأصغر.

الخلاصة

إذا كان هذا المقال يفسر الدوافع التي جعلت الأجهزة الامنية المصرية تشن حملة إعتقالات في صفوف السلفيين على إثر حادث تفجيرات كنيسة القديسين، فإن الثابت أن هذه التيارات لا تتبني من العنف منهجا لها رغم أن الأجهزة الأمنية تولدت لديها شكوك في إمكانية إختراق هذه التيارات.

ومن هنا جاء السؤال الرئيسي لهذا المقال: أيا من هذه التيارات يمكن أن يخترق؟ وكانت خلاصة الإجابة مؤداها أن الجماعة السلفية السكندرية هي الأقل عرضه للإختراق مع أنها تتبنى منهجا يعد الأكثر تشددا من بين التيارات السلفية المصرية من وجهة نظر الأجهزة الأمنية على الأقل، وذلك لأن السكندريين مازالوا يملكون خصائص التنظيم ولديهم وحدة في القيادة والمنهج، وتقل هذه الحصانة بشكل أكبر عند جماعة أنصار السنة المحمدية مع انها جمعية معترف بها من الدولة وتخضع لإشرافها كونها لا تخضع المنتمين إليها للفرز والاختبار مما يجعلها عرضة أكبر للاختراق.. وأخيرا تكاد تتلاشى هذه الحصانة عندما نقترب من التيارات السلفية المهلهة وغير المنظمة مثل التيارات السلفية الحركية.

وتبقى الحقيقة على أرض الواقع هي المحك والفيصل، فحتى الآن، الأمر ينحصر في دائرة "الشكوك الأمنية"، وهي دائرة عادة ما تكون واسعة، والفاعل في جريمة الإسكندرية يبقى لليوم لغزا كبيرا..
Read More

Services

More Services

© 2014 صلاح الدين حسن. Designed by Bloggertheme9 | Distributed By Gooyaabi Templates
Powered by Blogger.