أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

صورتي
القاهرة
كاتب صحفي متخصص في الجماعات والحركات الاسلامية في مصر والعالم رقم هاتفي 0020109899843 salaheldeen1979@hotmail.com

Most Popular

الجمعة، 7 مايو 2010

الأمن وفوبيا اللحية

لماذا كل هذه الحزازية المفرطة من قبل النظام الحاكم تجاة كل من هو صاحب لحية ؟ ورد هذا التساؤل على خاطري عندما تداعت الى ذاكرتي هذا المشهد قريب الحدوث :
المكان : طريق مصر الاسماعيلية الصحراوي .... الزمان : الساعة الثالثة ظهرا .... كانت الشمس في كبد السماء والناس تتصبب عرقا من شدة حرارة الشمس وبفعل الاجساد المتلاصقة المتنافرة ...
بدأ السائق يهدأ من سرعة محرك سيارتة تدريجيا فيبدو انه بحكم الخبرة قد استشعر انه قادم على (كمين )...ثم التفت خلفه موجه خطابة الى راكبى الميكروباص قائلا: "كل واحد يجهز بطاقته ربنا يعدى اليوم دا على خير "... عندها بدأت علامات القلق ترتسم على وجوه الراكبين ... فقد استدعى فى هذا المشهد تراث من الخوف المتراكم والمخزون فى وعى المجتمع المصرى ووجدانه من كل اشكال السلطة الحكومية وزي العسكر الميرى ....وفى خضم هذا المشهد كانت نظرات الركاب تحدج شخصا ذو لحية كثة وجلباب أبيض قصير وزبيبة ترتكز فى منتصف جبهته ....أقترب شخصين من أفراد الامن ففتح أحدهما باب السيارة لمح الثانى الرجل ذو اللحية وفجأة صرخ كمن صعقه ماس كهربائى : أنزل بسرعة يا ابن ال .....قام الرجل من سيارتة محاولا النزول فلم يمهله الشرطى بأن قبض على لاقة جلبابه الابيض وانتزعه بقسوة الى الخارج .... قام الرجل باخراج كارنية من جيبه مدعيا انه محام فقاطعة الضابط قائلا :" والله لو كنت ابن .... شخصيا ما انا عاتقك" . ثم أردف قائلا : "نزلوا الركاب دول وفتشوا شنطهم كرامة لل .... دا" وبعدها انطلقت السيارة وبها مقعد خالى ....انتهى المشهد.
ولم ينتهى التساؤل : لماذا يتعامل افراد الشرطة بكل هذة العصبية مع أصحا ب اللحى ؟....
الخبراء فى شئون الجماعات الاسلامية يعلمون جيدا ان أفراد الجماعات الاسلامية المسلحة لا يعفون لحاهم لاعتبارات امنية فافراد هذه الجماعات يشكلون تنظيمات سرية تحتوية تعتمد على نظام الخلايا ومن ثم فهم يأخذون بمبدأ اشبه بمبدأ التقية المعروف عند الشيعة ..... أما جماعة الاخوان المسلمين وهوالجماعة التى تتخذ من العمل السياسى السلمى نهجا للتغييرفهى تعتبر مسألة اعفاء اللحى وحلقها تدخل فى اطار الفرعيات التى لا ينبغى الوقوف عندها كثيرا على اعتبار انها ليست من الاولويات المطروحة حاليا فلا ينبغى ان يشغل المسلمون بالفروع عن الاصول ومع ذالك فهى تترك لافرادها حرية الاعتقاد فى تلك المسائل فممكن ان تجد فى داخل الجماعة من يؤمن بوجوبها والعكس وهذه قد تكون من اهم الخصائص التى تختص بها هذة الجماعة لكن المعروف عن الاخوان ان اغلبيتهم الكاسحةمن غير القيادات لا يطلقون لحاهم ولا يؤمنون بوجوبها إستنادا للقاعدة الفقهية الشهيرة ( ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ) وبناء علي ذالك قد يكون اعفائها واجبا اذا تعلق بها واجب اخر كالدعوة الى الله فى بعض البلاد التى لا تتيسر الا لمن أعفى لحيته حيث لا يقبل الناس منه حلالا ولا حراما ولا نهيا الا اذا اطلق لحيته مثل معظم دول الخليج وبعض الدول العربية الاخرى فالاصل عندهم ان تعفى اللحى وتعتبر حلقها بمثابة تخنث ونقصان للمروءة وفى المقابل : قد يكون حلقها مندوبا او مكروها او محرما اذا فتن المسلم فى دينة ومنع عن الدعوة او هدد فى رزقه او فى بدنه ..... وهذا الاستناد الذى يؤمن به الاغلبية الكاسحة بجماعة الاخوان يعكس منهج الاخوان التجديدى ذو الطبيعة العقلانية ..... هذا المنهج الذى يثير سخط الجماعات السلفية التى لا تؤمن بالدخول فى معترك الحياة السياسة مثل جماعتى انصار السنة والتبليغ والدعوة .. فهاتين الجماعتين تؤمنان بوجوب اعفاء اللحى بل توليانها اهتماما كبيرا وتعطيانها مساحة اكبر على خريطة نشاطها الدعوى وتدخل مع الغير فى جدل مرير لاثبات وجوبها وهذا ايضا يعكس منهج هذه الجماعات السلفية القاضى بأن بناء المجتمع المسلم لن يكون الا بالتمسك بالسنة النبوية وجميع تفصيلاتها اولا بعدها يبنى المحتمع المسلم بشكل تلقائى(الجزئيات توصل للكليات) ...وحجتهم فى وجوب اعفاء اللحى مارواه البخارى فى صحيحة عن ابن عمر( خلفوا المشركين ووفروا اللحى واحفوا الشوارب ) فالامر هنا للوجوب عند هذه الجماعات ... وحلقها فى اعتقادهم من اشد المنكرات ومعصية ظاهرة ومخالفة لامر الرسول( ص) ووقوع فيما نهوا عنه وتأسى بالمجوس والكفرة اما الفريق الاخر فيرى ان الامر للندب لا للوجوب فهى سنة مؤكدة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وحلقها مكروة وليس حرام وقد استندوا لما روى مسلم فى صحيحة عن عائشة ( رض) ( عشرة من الفطرة : قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الاظافر وغسل البراجم......) ويدل هذا الحديث على ان اعفاء اللحى من السنن ... وايا ما كان الامر سواء الوجوب او الندب فان الجماعات الاسلامية السياسية المسلحة منها والسلمية والتى لا تريح النظام لا تطلق لحاها لمقتضى الظروف والجماعات السلفية الاخرى التى تؤمن بوجوبها لا تؤمن بالعمل السياسى اصلا فلماذا تتعامل الاحهزة الامنية بكل هذه العصبية مع( اصحاب الذقون)
الخوف الامنى من اللحيةمن الناحية التاريخية لا يرجع الى النظام الحالى بل الى انظمة غابرة ومع ان النظام الناصرى هو اول من دشن هذة القيم فى مؤسسات الدول مثل الشرطة والجيش وباقى الادارات على اثر دخوله مع الاخوان المسلمين فى صدام مرير الى ان جذورها ترجع الى حقبة الاحتلال البريطانى لمصر الذى هيمن على الجيش فى هذه الفترة وارسى بعض من القواعد من بينها حلق اللحى واعفاء حفظة القران من الخدمة العسكرية ولكن الذى استطاع اضافته النظام الناصرى وما بعده
هى خلق حواجز نفسية كبيرة بين عامة الناس والاشخاص الملتحين بفعل الالة الاعلامية التى صورت اصحاب اللحى على انهم ارهابيون اشرار فالارهابى فى منتجاتنا الفنية اصبح اكليشية" ذو لحية كثة وجلباب ابيض قصير ومدفع رشاش ونظرة حادة يحدج بها من حوله" .... واصبح صاحب اللحية فى حد ذاته شبهة يمنع من تولى الوظائف الهامة فى الدولةمثل الشرطة والجيش والسلك الدبلوماسى ويمتد هذا الحظر ليشمل اقربائة ويصنف فى جهاز امن الدولة الى ما هنالك من عقوبات معروفه للجميع ....أما فى فترة السبعينيات من القرن الماضى فقد ظهرت اللحية والحجاب ليست تطبيقا لسنة او تصور دينى معين – كما يقول حسام تمام الباحث فى شئون الجماعات الاسلامية – بل رمزا يدل على الارتباط بتيار سياسى معين ولكن منذ عشرين سنة تقريبا قد اختلف الحال واصبح اطلاق اللحية لا يدل فى حد ذاتة على الانتماء لتيار سياسى معين بل اصبحت الجماعات الاسلامية السياسية لا يعنيها اطلاق اللحى من عدمه
وينفى تمام ان تكون محاربة النظام المصرى للحية كمحاربة فرنسا وتركيا للحجاب على اساس ان مصر دولة تنص فى دستورها على ان المصدر الاساسى للتشريع هو الشريعة الاسلامية وعلمانية النظام المصرى ليست كعلمانية تركيا وفرنسا وهذه العقوبات المباشرة وغير المباشرة التى يوقعها النظام على اصحاب "الذقون" مخالفة للدستور فاعفاء اللحى حق شخصى يكفلة الدستور ومواثيق حقوق الانسان وفى حين انه فى الدول الديمقراطية يستطيع المسلمون ان يمارسوا هذا الحق بكل حرية نجد ان دولة مثل تونس تحظر اطلاق اللحى وفى النهاية يبدو ان النظام قد تشكلت لدية ما يمكن ان نسمية" عقدة اللحى " التى على اساسها سيبقى صاحب اللحية متهم حتى يثبت العكس .... ويبدو ان النظام قد وقفت به الة الزمن هناك .......... فى زمان سحيق . صلاح الدين حسن

ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

Services

More Services

© 2014 صلاح الدين حسن. Designed by Bloggertheme9 | Distributed By Gooyaabi Templates
Powered by Blogger.