أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

صورتي
القاهرة
كاتب صحفي متخصص في الجماعات والحركات الاسلامية في مصر والعالم رقم هاتفي 0020109899843 salaheldeen1979@hotmail.com

Most Popular

الأحد، 9 مايو 2010

البغاة كيف عالجت الشريعة الاسلامية الارهاب


البغاة مصطلح يكاد يقتصر معرفته على الباحثون فى كتب التراث الإسلامى فقد أطلقة فقهاء الشريعة الاسلامية فى وصف من نسميهم نحن بالإرهابيين أو بالخارجين على سلطة الدولة خروجا مسلحا وهومستمد من اللفظ القرآنى (فإن بغت إحداهما على الاخرى ) فالبغى فى اللغة مجاوزة الحد .... ولا أخفى أندهاشى مما كتبه فقهاء الشريعة الإسلامية فى تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم خاصة عند خروج الأخير علية فقد وضعوا تشريعا كان بمثابة علاجا ناجعا لظاهرة الخروج على الحاكم ولم يكن مجرد عقوبة لجريمة ومن ثم فقد أوجبت الشريعة الإسلامية ضرورة مرور العلاقة بين الرعايا الخارجين وحاكمهم بمراحل عديدة آخرها هو العمل المسلح .. وقد ميزت الشريعة بين البغاة وبين غيرهم من قطاع الطرق والمفسدين فى الارض فأعطت الفئة الاولى حقوقا وامتيازات تميزهم عن الفئة الثانية لمجرد أن خروجهم كان على خلفية آراء قد يكون لها وجاهتها حتى لو كانت هذة الآراء فاسدة طالما أن هذا الفساد غير مقطوع به جاءفى المغنى لابن قدامه (البغاة هم قوم من الرعية يخرجون عن قبضة الإمام ويرومون لخلعة للتاويل السائغ ) والتاويل السائغ يعنى المقبول أو المستساغ فلابد من ادعاء سبب الخروج والتدليل علية حتى ولو كانت الأدلة على التأويل ضعيفة فإدعاء أهل الشام فى عهد على كرم الله وجهة بأنه يعرف قتلة عثمان ولا يقتص منهم لمواطأته اياهم فهذا التأويل فاسد لكنه غير مقطوع بفساده وبالتالى ينطبق عليهم وصف البغاة وعند انطباق هذا الوصف توجب الشريعة على الدولة أن تستخدم بعض الوسائل السلمية التى يجب أن تستنفذها لكى تستخدم العمل العسكرى المسلح أول هذة الوسائل هو ما نسمية فى عصرنا الحالى بمبادرات الاصلاح وذالك استنادا للاية الكريمة (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحو بينهما) وجاء فى روضة الطالبين لإمام زكريا يحيى بن شرف النووى ) أن قتال الخارجين لا يجوز قبل سؤالهم عن سبب خروجهم فإذا ذكرو مظلمة أو جورا وكانواعلى حق وجب على الإمام أن يرد المظالم ويرفع الجور فان لم يكن لهم مظلمة او كانت لهم ورفعها الامام وظلوا على حالهم جاءت الوسيلة الاخرى وهى البعث للمناظرة وهو مايعنى إجراء حوار معهم لإقناعه بالعدول عن محاربة الإمام ويستشهد الفقهاء على وجوب هذة الوسيلة بالآية الكريمة وبعث على (كرم الله وجهة ) لحبر الامة عبدالله ابن عباس لأهل النهروان (خوارج) لنصحهم ومحاورتهم ونجح ابن عباس فى اثناء البعض ولكن البعض الآخرابى واختيار على كرم الله وجهة لابن عباس لفطنته وعلمه ومنزلته بين الناس فكان الأقدرعلى اقناعهم من غيره ويرى الفقهاء ان هذا البعث واجب لان الله امر بالإصلاح قبل القتال فلا يجوز تقديم ما أخرة الله فاذا اصر البغاة على الخروج وجب قتالهم اذا بدأوا هم بقتال فإذا لم يبدأو بقتال لا يجب على الإمام مقاتلتهم أما فى كيفية قتالهم فيجب أن يقاتلوا بطريقة دفع الصائل (كما عبر فقهائنا الأوائل )) والمقصود ردهم الى الطاعة ودفع شرهم لا القتل فإذا أمكن الأسر لا يقتل وإذا أمكن الإثخان لا يزفف .. ومن أدبر منهم وانهزم لم يتبع وكذا من ألقى سلاحه وترك القتال ولم يقاتل ... ولا يقتل مثخنهم ولا أسيرهم ولا يقاتلون بما يعم أثره كإرسال السيول الجارفة – النار – والمنجنيق – ولا يجوز أن يستعان بمن يرى قتلهم مدبرين إما لعداوة وإما لإعتقادة ... وإذا قتل منهم أسير او جريح او مدبر فقاتله مسئول عن قتله جنائياً ويرى بعضهم القصاص من القاتل لانه قتل معصوما لا شبه فى قتله . ويرى أبو حنيفة أن أموال البغاه تظل على ملكهم لأن( على) لما هزم طلحة واصحابه أمر مناديه فنادى ان لا يقتل مدبر ولا مقبل بعد الهزيمة ولا يستحل فرج ولا مال ( يراجع ايام العرب فى الاسلام ) ... وبعد موقعة النهروان جمع ما غنم من الخوارج فى( الرجبة) فمن عرف شئ له اخذه ... وقيل انه لايجوز أستعمال شئ من أموال البغاه وانها ترد جميعا بعد انتهاء الحرب لانه ( لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفس منه ) ويرى البعض انه يجب ان تؤدى اجرة المال المستعمل كما هو الشأن فى حال الضرورة ( اسنى المطالب ) وبعد كل هذا يظهر احترام الشريعة الاسلمية لكل ذى رأى فعاملت الخارجين على الدولةمن لهم تاويل مقبول على اساس افتراض حسن النوايا فى هؤلاء وان حملهم السلاح ما كان الا لخدمة الدين فى اعتقادهم ورفعت شان الامة واصلاح حال مجتمعها وفرقت بينهم وبين قطاع الطرق اذ فيما خروجهم اذلم يكن لهم تاويل مقبول وبنى قدامى الفقهاء آرائهم هذه على القاعدة العظيمة ( أن المجتهمد المصيب له أجران والمخطأ له أجر ) وبهذه القاعدة فسر قتال الصحابة رضوان الله عليهم إذ كان كلاً منهم يعتقد بصحة تأويله وبصحة ما ذهب إليه و أنه بذلك يرضى الله رسوله (ص) ...و لم تجد الدولة الاسلامية عيباً أو نقيصه تخل بكرامتها وهيبتها أو دلالة على ضعفها إذا هى فتحت صفحة للحوار مع الخارجين على سلطتها ليس هذا فحسب بل جعلته واجباً قبل قتالهم بأجماع الأئمة وخلقت روح الشريعة حزازية مفرطة من قبل دولة الاسلام تجاه دم رعاياها نبع ذلك كله بسبب تأكيد الاسلام على لسان رسوله (ص) بحرمة الدماء وقدسيتها وبأن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة البيت الحرام فالدولة الاسلامية قائمة على فكرة الاصلاح وعلى فكرة احتضان كل رعاياها ودخل الامام ابو بكر وعلى وعثمان وعمر بن عبد العزيز فى حوار مع الخارجين عليهم اتى بمردود ايجابى فى كثير من الاحيان .... ولم يتعاملوا معهم كمجرمين ولكن كأصحاب تأويل وليس ادل على ذالك من مقولة على ( كرم الله وجه )( أخواننا بغوا علينا )يقول خالد محمد خالد فى كتابة (الخلفاء الراشدون) متحدثا عن الخليفة (عمر بن عبد العزيز)....
(.......ومع ذلك كله نرى الخليفة العابد الأواب لا ينسى فى فتنتهم هذه حقهم فى أن يكون لهم اقتناع ثم لا ينسى واجبه فى إحترام هذا الحق لهم وواجبه فى إعطاءهم فرصة للتعبير عن رأيهم بصوت مرتفع مادام نشاطهم لا يتحول الى عمل ارهابى يستهدف سفك دماء الاخرين ... بل اننا سنراه يرى بحصافته الباهرة ان السبيل الأمثل لصرفهم عن التأمر والأرهاب هو دفع الغطاء عن البخار المحبوس وتمكين الرأى الحبيس المكبوت من الإنطلاق قبل أن يتحول داخل نفس صاحبه المقهورة الى حق موتور وقذيفة رعناء ... وهكذا لا تكاد احدى تلك الفرق تتحرك فى الأيام الأولى لخلافته مستأنفة تمردها المسلح حتى يرسل الى زعيمها هذا الكتاب ( اما بعد فقد بلغنى انك خرجت غضباً لله ولرسوله .. ولست اولى بذلك منى ... فهلم اناظرك ... فإن يكن الحق معنا تدخل فيه وان يكن الحق معك نراجع أنفسنا وننظر فى امرنا ...) ويقرأ الزعيم الثائر كلمات القديس فيخجل من نفسه ويلقى سلاحه ويرسل مبعوثين الى عاصمة الخلافة ليجريان مع الخليفة حوار حول ما بينهم من قضايا او خلاف ويرى الحوار بينهم رائعا صادعا يتجلى خلاله موهبة بن عبد العزيز فى رؤية الحقيقة وترجيحه للمنطق وامتلاك الافئدة والعقول ... ثم تكون عاقبة هذا الموقف العظيم ان تلك الفرق المتمردة تلقى سلاحها بعدما ثبت لها انها فى عهد رجل جديد ينتمى الى عصر النبوة....

ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

Services

More Services

© 2014 صلاح الدين حسن. Designed by Bloggertheme9 | Distributed By Gooyaabi Templates
Powered by Blogger.