أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

صورتي
القاهرة
كاتب صحفي متخصص في الجماعات والحركات الاسلامية في مصر والعالم رقم هاتفي 0020109899843 salaheldeen1979@hotmail.com

Most Popular

الأحد، 9 مايو 2010

الصحفيين العسس

دعاني بعض الزملاء الصحفيين إلي اعتصام كان من المقرر عقده أمام مجلس الشورى للمطالبة برجوع صحيفتهم المغلقة على ما يبدو بالضغط الأمني وكان العلم بإجراء هذا الاعتصام مقتصرا على صحفيي الجريدة .. بادرت مبكرا إلى الذهاب إلي مقر النقابة الصحفيين حيث من المفترض أن نلتقي هناك جميعا وعند وصولي أدهشني كم رجال الأمن الموجودين أمام مبنى النقابة فتبادر إلى ذهني تساؤل كيف ومتى علم رجال الآمن بالموعد ؟ " علق أحد صحفيين الجريدة على تأخر أحد زملاءه عن الموعد قائلا : " أنت لسه جاى دا الأمن موجود هنا من الفجر " …………….
دفعني هذا الموقف إلى محاولة التنقيب في هذه القضية الشائكة والوعرة " قضية مخبري الصحافة " والى أي مدى وصلت الأجهزة الأمنية في اختراقها للجماعة الثقافية ؟ فيعد اختراق الأمن لهذه الجماعة من أحد أهم أولوياته إن لم يكن أهمها على الإطلاق فهناك قسم داخل جهاز أمن الدولة منوط به الصحافة وأهلها وفيه تصب التقارير وتفتح الملفات ويصنف الصحفيون ومن هنا تنشأ الحلقة الجهنمية مع نشأة المصالح المتبادلة بين الطرفين والمصلحة بالنسبة للصحفيين المخبرين تتمثل في الفضول الصحفي الفطري والرغبة الجارفة في استكشاف ما هو مخبوء في ملفات الأمن ذات الاكليشية الشهير " سرى للغاية " ومما يزيد هذه الرغبة اشتعالا أن حرية الحصول على المعلومات في بلد مثل مصر ممنوعا بقوة القانون مما يهيأ للصحفيين ضعاف النفوس والباحثين عن المجد الوهمي أن أجهزة الأمن لديها تحت مقراتها في لاظوغلى ومدينة نصر مغارات من الإسرار التي يمكن أن تصنع منهم هيكل جديد
أما النصف الآخر من الحلقة فهي مصلحة الأمن التي تتمثل في استخدام مثل هؤلاء الصحفيين في تحقيق مصلحتهم التي تكون في الغالب ضرب التيارات المعارضة أحزاب أو تيارات إسلامية و تشويه رموزها عن طريق تسريب معلومات قد تكون مفبركة في الغالب وبالتالي تتحقق مصلحة الطرفين "تنفيذ خطط الأمن مقابل الخبطات الصحفية" والخبراء في الشأن الصحفي لديهم القدرة على تحليل المواد الصحفية التي تحوى تسريبات من جهات أمنية من عينة " قيادة أمنية أبلغت أحد قيادات الإخوان ....." أو " أحد قيادات الأخوان أبلغت قيادات أمنية " وهو ما تقع فيه بعض الصحف وبعض الأقلام إذ من المنطقي أن يتساءل القارئ ومن هو مصدر مثل هذه المعلومات ؟
ومن الجدير بالذكر أن الأجهزة الأمنية لا تسرب أخبارا من النوع الثقيل إلا للصحفيين المخبرين ذوى الكفاءات العالية وهم الذين يطلق عليهم في الوسط الصحفي " الكتيبة " وهم مقربين من النظام وحاشيته .. ويخدمون سياساته ....وهؤلاء وغيرهم لا يجدون ثمة غضاضة فى التعاون مع الاجهزة الامنية باعتبارها مصدرا مهما للمعلومات ولكنهم يتجاهلون أن الأجهزة الأمنية لا تسرب معلومات إلا لاهداف معينة من ناحية أو للحصول على مقابل من ناحية أخرى وأيضا قد تكون في مثل هذه الحال ثمة مصلحة مشتركة بين الاثنين فى معاداة تيار معين .
وهناك نوعا آخر من الصحفيين يلجئون للتعاون مع الأمن بسبب فقدانهم للكفاءة الصحفية وهو ما يدفعهم للتعاون مع الأمن لتعويض فاقد كفاءتهم وللحصول على معلومة قد ترفع من أسهم أرصدتهم في البورصة الصحفية ...
وهناك نوعا من الصحفيين يلجأهم العوز والفقر التعاون مع الأجهزة الأمنية وهؤلاء ما أكثرهم في صحف "الجنوب " هو ما أصطلح تسميتهم عليه في الوسط الصحفي كناية عن فقر هذه الصحف وفضلا عن الحاجة التي قد تدفعهم إلى التعاون هناك عنصرا أخر لا يقل أهمية عن عنصر الفقر إن لم يفوقه وهو رغبة هؤلاء فى الأمان الوظيفي إذ أن صحفهم ليست مؤمنة ضد خطر الغلق في أية لحظة مما يجعلهم يحتاطون ليوم قد لا ينفعهم فيه إلا رجال السلطة الذين يزرعونهم من جديد في المؤسسات الصحفية القومية أو غيرها وهو ما حدث فعلا عندما أغلقت صحف في الماضي منها جريدة الشعب على سبيل المثال ....
وهناك نوعا آخر من الصحفيين المخبرين يطلق عليهم " الصحفي العصفورة " وهو إنسان رشيق الحركة لبق " ابن بلد " يستطيع اختراق أي تجمع أو جلسة تراه منزويا في ركن من أركان النقابة وقد لا يغادرها فدوما تراه لا يفارقها وكل مهمته تسمع والتقاط الأحاديث وربط الأحاديث بعضها ببعض وصياغتها في شكل خبر ثم يقوم بعمل رنة للجهة المعنية فتقوم بالاتصال به فيأخذون منه الأخبار أول بأول أو يقوم بفتح المحمول ليكون المؤتمر أو الندوة " أون لاين".....
وهناك مخبرون يتجسسون على زملائهم داخل المؤسسة الصحفية التي يعمل بها وهناك واقعة شهيرة في هذا الأمر حيث يروى أن المواد الصحفية التي كانت تنشرها صحيفة الشعب والتي كانت تتعلق بالوزير السابق حسن الألفي كانت تصله قبل أن تطبع الصحيفة ومنوط بهذه النوعية أيضا كتابة تقارير لإزالة الغموض الذي يكتنف بعض العناصر الصحفية غير معروفة الهوية داخل مؤسسته .
وقد تدفع الضرورة الصحفي للتعاون مع أجهزة الأمن وهو ما يتعرض له في الغالب صحفيي البرلمان وصحفيي الحوادث" فصحفيي الشرفة" وهو الاسم الذى يطلق على صحفيي البرلمان لابد أن يحصل على ترخيص من الجهة الأمنية التي قد تستبعده إذا لم يذعن لرغباتها
ويتعاون معها في كتابة تقارير و حاجة أجهزة الأمن لصحفيي البرلمان قد تكون في نظر البعض غير مجدية فجلسات البرلمان مسجلة ولكن عامل السرعة في كتابة التقارير الذي يمتاز به صحفيين البرلمان هو ما يجعل رجال الأمن المكلفين أيضا بكتابة تقارير يطلبون من هؤلاء الصحفيين نسخة مما يكتبونه وبالتالي يكون حقق ضربة مزدوجة وهو معرفة ما سيكتب في الصحف قبل طبعها وإرسال تقارير للجهة الأمنية المعنية بشكل سريع .
أما صحفيي الحوادث فهم أيضا معرضون للضغط الأمني فهؤلاء الصحفيون بحكم تخصصهم في اشد الحاجة لرجال الشرطة فهم منبع المعلومات بالنسبة لهم وبالتالي تحتجب عنه المعلومات حتى تنطبق القاعدة المصرية الشهيرة " يا بخت من نفع واستنفع " ... وينقسم الصحفيين المخبرين من حيث الاستفادة المالية من الأمن إلي .
صحفى مخبر بالقطعة وهذا هو الذي يحاول تعويض دخله الهزيل وهناك صحفى مخبر بكشف الانتاج على طريقة الصحافيين الذين يتعاملون مع المكاتب العربية وهناك صحفي مخبر بنظام المكافئة وهؤلاء أصحاب التاريخ العريق في التعامل مع الأجهزة الأمنية .
ولكن تظل الجماعة الصحفية بخيرها وان عكر صفو بيئتها النقية رجال السلطة المستبدين ففي أزمنة القمع السياسي والاستبداد عادة ما يتخيل للنا شطين السياسيين أن دولة المخبرين هي كيان يتمدد عبر الهواء يتنفسونه ويحلمون به حتى يخيل لهم إذا ما فتحوا الصنبور خر منه مخبرا وإذا ما رفع حجرا وجد تحته مخبرا وهنا تكون الدولة البوليسية قد نجحت في أن تخلق داخل كل" مثقف مناضل" مخبرا إذا خلا يقول لنفسه كما قال الشاعر " إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب" هنا تتحول الجدران إلي أذن تسمع وعين ترصد .......... وتلك من هلاوس الكبت والقمع .
صلاح الدين حسن


ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

Services

More Services

© 2014 صلاح الدين حسن. Designed by Bloggertheme9 | Distributed By Gooyaabi Templates
Powered by Blogger.